عندما ينتقد البعض ما تقدمه الفضائيات من برامج، يقتصرون في نقدهم على ما كان منها يبدو فيه طاغيا تعمد الإغراء والإثارة مما يمس السلوك العام ويتنافى مع متطلبات الاحتشام ويغفلون عما سوى ذلك، مع أن الفضائيات تقع في أخطاء أخرى لا تقل شناعة وفداحة عن تلك لكنها لا تلفت نظر غالبية المنتقدين لها. من أخطاء الفضائيات الكبرى التي تقع فيها، سوء اختيارها لما تطرحه عبر برامجها الحوارية من مواضيع، فهي تركز أكثر ما تركز على ما يثير الناس ويشد انتباههم، ولا يعنيها في شيء تأثيره على المصلحة العامة، سواء كانت مصلحة المجتمع أو الدين أو الأمة العربية أو الإسلامية. من نماذج سوء الاختيار ما تقوم به بعض الفضائيات أحيانا من تقديم برامج حوارية وفتح باب النقاش والجدل حول طبيعة العلاقات القائمة بين الطوائف في العالم العربي والإسلام وبالذات (السنة والشيعة) ولأن مناقشة مثل هذه القضايا المهمة في مثل هذه البرامج، غالبا مايكون سطحيا ومبتسرا لها خارج نطاقها الذي انبثقت في داخله، كما انه غير منهجي وغير تحليلي وغير موثق وغير مراع للظروف التاريخية والبيئية التي أحاطت بتلك القضايا، فهو نقاش قاصر، يشوه الحقائق ولا يجلوها، فضلا عن اتسامه بالجلبة والميل إلى إثارة النعرات وتحريك الفتن، أكثر من الميل إلى معرفة الحقيقة، لذلك فإن مناقشة أفكار الطوائف والاختلافات بينها بما فيها من قضايا حساسة لا ينبغي أن يحدث في هذه البرامج وبهذه الصورة، فمثل هذه القضايا شديدة الحساسية وقابلة لإثارة النزاع والصراع بين المسلمين، وهي تسير فوق خط يوهن المسلمين ويفرق بينهم بدلا من أن يجمع شملهم ويوحد كلمتهم. إن أمور الاختلاف بين الطوائف هي من الأمور الدقيقة التي لا يمكن أن تستوعب وتقدر حق قدرها إلا متى عرضت في توسع وتعمق وتحليل يبين ارتباطها بالإطار الزمني والتاريخي والبيئي الذي ظهرت داخله، خاصة متى تذكرنا أن ليس كل المشاهدين من المثقفين الذين يعرفون الحقائق التاريخية أو لديهم الوعي الكافي لاستيعاب الحقائق بتعقل، ومن المتوقع أن هناك من لا يعرف شيئا عن التاريخ البتة، وربما صدمه ما يسمعه عن بعض تلك الطوائف في صورته المشوهة أو المبتسرة والمنتزعة من سياقها العام الذي ظهرت فيه. إضافة إلى هذا، فإن هذه المحطات الفضائية وما يطرح فيها حول هذه الدعوة قد ينظر إليه على أنه يمثل رأيا لجهة ما فتبدو وكأنها تتبنى وتدعم أفكارا معززة للفرقة بين المسلمين، أو مدعما للتعصب بما يتنافى مع التوجه الحضاري في هذا العصر، حيث ينحو الجميع نحو احترام حرية الفكر ونبذ القتال ونشر السلام في الأرض وما شابه ذلك. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة