في الفترة من 6 حتى 18 ديسمبر 2009 يجري مؤتمر المناخ في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن والذي يعد من أهم المؤتمرات العالمية وأكثرها تأثيرا على الحياة وعلى بقاء الكوكب.. وقد تفاعلت شعوب الأرض في شمال الكرة الأرضية وفي كل دول العالم التي تعي شعوبها الأهمية القصوى لهذا المؤتمر عبر المظاهرات والمسيرات السلمية مطالبة باتخاذ قرارات أساسية من أجل الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وتقليل الغازات الدفيئة وحل معضلة ثقب الأوزون وغيرها من المشكلات التي تواجه البيئة نتيجة انبعاثات الغازات التي تطلقها مصانع الدول المتقدمة والتي أدت إلى بروز هذه الظواهر التي أدت وستؤدي إلى تغيرات مناخية تهدد بقاء الكرة الأرضية، حيث بدأت ملامح التغيرات المناخية بشكل واضح من خلال الاختلال الذي جرى في درجات الحرارة المتصاعدة على مستوى الكرة الأرضية وازدياد مساحات التصحر وازدياد العواصف الغبارية والرياح والأمطار وذوبان الجليد في المناطق القطبية مما سيؤدي حتما إلى ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات الأمر الذي يهدد جزرا ودولا وسواحل بالفناء. وفي هذا المجال تتحمل الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين ثم بقية الدول المتقدمة صناعيا المسؤولية الأولى عن تلك التغيرات المناخية، وبالتالي فإن عليها العبء الأكبر في إنقاذ الكرة الأرضية وذلك من خلال تخفيض غازاتها الدفيئة المنبعثة من مصانعها والتي تؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري ومن خلال دعمها لدول العالم الثالث من أجل تطبيق الوسائل العلمية التي تحد من تلك الانبعاثات والتي تعتبر مكلفة، وهذا ما تطالب به دول الجنوب والتي نتمنى أن مؤتمر كوبنهاجن يصل فعلا للقرارات الضرورية لحل هذه المعضلة. التغيرات المناخية السلبية إذن ليست قدرا لا يمكن تفاديه بل إن تلك الظاهرة سببها الإنسان على هذه الأرض وبالذات في الدول المتقدمة صناعيا والذي تلاعب بالبيئة القائمة على التوازن بين مكونات الطبيعة من بحار وغابات ومن كميات ملائمة من غازات الأوكسجين وغيرها. تلك الأمور مثبتة علميا وتوضح بلا مواربة الأسباب والنتائج، وهذا ما يعمل مؤتمر كوبنهاجن من أجل معالجته بحضور أكثر من 170 دولة مشاركة في المؤتمر. في كوبنهاجن سؤال البشرية مطروح على الطاولة في أن نكون أو لانكون، في أن تبقى الكرة الأرضية أمنا المشتركة إنسانيا أم لا، من خلال استجابة الدول وبالذات المتقدمة منها للحد من مسببات تلك التغيرات المناخية. وفي جدة وفي الأربعاء الحزين هطلت أمطار ربما هي غير عادية بالنسبة لمدينة نادرا ما يسقط فيها المطر وقد يكون «للتغيرات المناخية» دور فيها، إلا أنها بالمقاييس العالمية هي أقل من عادية وسقطت تلك الأمطار لساعات قليلة ولكن نتئاجها كانت ولازالت كارثية حيث أغرقت السيول الناتجة عن تلك الأمطار أكثر من 120 بالإضافة إلى 45 مفقودا وآلاف النازحين الذين فقدوا كل ما امتلكوه في دنياهم. والأسباب واضحة للعيان متمثلة في غيات أقنية تصريف الأمطار والسيول، وأقنية تصريف المجاري، والبناء في بطون الأودية وفي مجرى السيول، وكلها نتائج لفعل الفساد المالي والإراي. هنا أيضا أسباب أدت إلى نتائج والمعالجة تتطلب معالجة الأسباب للحصول على نتائج مختلفة. لكن في جدة هناك رأي آخر ل «الدعاة» الذين أصدروا بيانا سطروا فيه بالإضافة إلى تلك المسببات أسبابا أخرى وهي أن فعل المعاصي هو أحد تلك الأسباب. هكذا بكل بساطة يصبح فعل المعاصي في جدة سببا في قتل فقرائها ومعدميها والذين لجؤوا للسكن في مجرى السيول. فالله في نظر من وقعوا على هذا البيان عاقب الضعفاء نتيجة لفعل غيرهم. ولا أدري كيف هؤلاء يرون ويعرفون الله. وليتخيل أي أحد منا أنه من أولئك المنكوبين وربما الذين لازالوا يبحثون عن مفقودين وهم يرون ثلة من مجتمعهم تدعي التقوى والصلاح تتهمه بأنه هو السبب في ما جرى له نتيجة فعله للمعاصي. ولنتخيل أن السبب إياه هو ما أدى إلى جميع الكوارث البيئية والمناخية الجارية حول الكرة الأرضية، ألن يبرر ذلك السبب «فعل المعاصي» الجرائم المرتكبة بحق المناخ من قبل الدول المتقدمة ويعطيها صك براءة من أفعالها التي أدت إلى تلك النتائج في الكرة الأرضية. ولو تم اعتماد هذا السبب فهل ستجتمع الدول وتتفاعل الشعوب مع مؤتمر المناخ الجاري في كوبنهاجن؟.. الفارق بين كوبنهاجن وبيان الدعاة أن النظر للكوارث هناك يخضع لدراسة المسببات أي يخضع لمنطق العقل والتساؤل، فالعقل هو هبة الله للإنسان وهو جزء من قدره والذي عليه استخدامه بشكل فعال بين الدنيا، ومن خلال هكذا بيان تصبح النتائج «الكوارث» قدرا بلا مسببات ويتم فيها إلغاء العقل. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة