من المتوقع أن يطلق تطرف الأحوال المناخية عام 2010 المزيد من الدعوات المنادية بالتحرك لمكافحة الاحتباس الحراري في العالم لكن من غير المرجح أن ينهي تعثرا في محادثات المناخ التي تجريها الاممالمتحدة حول مشاركة الدول الغنية والفقيرة في تحمل عبء المشكلة. فباكستان، على سبيل المثال، ألقت باللائمة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الأنشطة البشرية في حدوث فيضانات مدمرة أدت إلى مقتل ما يصل إلى 1600 شخص بها كما ربط الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف مباشرة بين موجة الصيف الحارة في بلاده والاحتباس الحراري. وروسيا هي ثالث أكبر دولة متسببة في غازات الاحتباس الحراري بعد الصين والولاياتالمتحدة. لكن ما من شيء يشير حتى الآن إلى أن أكبر الدول المتسببة في غازات الاحتباس الحراري تعرض بذل المزيد لمكافحة تغير المناخ والخروج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه محادثات الاممالمتحدة. وقال مبعوث في محادثات الاممالمتحدة الاخيرة التي جرت بمدينة بون الالمانية في أوائل أغسطس آب إن هناك "شعورا كبيرا بالتراخي" رغم القلق من تطرف الأحوال المناخية وتوقع الاممالمتحدة أن يكون عام 2010 هو أدفأ عام منذ بدء عمليات التسجيل في الخمسينات من القرن التاسع عشر. ويحتمل أن يتسبب تطرف المناخ في زيادة التوتر بين الدول الغنية التي تتهم عادة بأنها أكبر مسبب للاحتباس الحراري والدول الفقيرة الاكثر عرضة للفيضانات والجفاف والاعاصير. بل قد يحل تغير المناخ محل جدل دائر منذ عقود حول تركة الحكم الاستعماري ليصبح هو مصدر التوتر بين الدول الغنية والفقيرة. وقال يوهان روكستروم رئيس مركز ستوكهولم ريزيليانس بجامعة ستوكهولم "قد يصبح الاحتباس الحراري مثار الجدل في فترة ما بعد الاستعمار مما قد يدمر الكثير من إمكانيات التفاوض." وقال سليم الحق الزميل بالمعهد الدولي للبيئة والتنمية في لندن "يصبح تغير المناخ حقيقة راسخة بشكل أكبر على ارض الواقع في العديد من الدول." وأضاف أن هذا من شأنه أن يثير إحساسا أكبر بإلحاح القضية في محادثات المناخ السنوية المقبلة التي يجريها وزراء البيئة في المكسيك من 29 نوفمبر تشرين الثاني إلى العاشر من ديسمبر كانون الاول بعدما توصلت قمة كوبنهاجن في ديسمبر الماضي لاتفاق غير ملزم لابطاء تغير المناخ. وهناك انقسام بالفعل بين الدول الغنية والفقيرة حول كيفية تقاسم القيود المطلوبة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتقول الدول النامية إن الدول الغنية يجب أن تخفض انبعاثاتها بشكل أكبر بكثير بينما يريد الاغنياء أن تفعل الدول الفقيرة المزيد للحد من انبعاثاتها المتزايدة. ويتشكك خبراء في التوصل لانفراجات كبيرة خلال المحادثات التي ستجرى في مدينة كانكون المكسيكية لاسباب من بينها أن الولاياتالمتحدة لم تنضم إلى دول أخرى متقدمة في تقليل الانبعاثات. وربطت روسياوباكستان تطرف الأحوال المناخية بهما بالاحتباس الحراري دون اعتبار لآراء معظم علماء المناخ الذين يقولون إن تغير المناخ يمهد لحدوث تطرف مناخي لكن لا يمكن ربطه بأحداث فرادى. وقال وزير البيئة الباكستاني حميد الله جان أفريدي إن الاحتباس الحراري هو "السبب الرئيسي" للفيضانات وأشار إلى أن نسبة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في بلاده تبلغ 0.4 في المئة فقط من إجمالي هذه الغازات في العالم. ولقي ما يصل إلى 1600 شخص حتفهم وفقد مليونان ديارهم بسبب الفيضانات وهي الاسوأ في باكستان منذ عقود. أما ميدفيديف فقد تحدث في الرابع من أغسطس آب عن حرائق الغابات والجفاف في روسيا وقال "للاسف ما يحدث الان في مناطقنا الوسطى دليل على هذا التغير المناخي العالمي لاننا لم نشهد قط في تاريخنا مثل هذه الاحوال الجوية." وقال أليكسي كوكورين من الصندوق العالمي لحماية الحياة البرية في روسيا "هذه إشارة جيدة جدا للشعب الروسي الذي لا يزال تساوره الكثير من الشكوك حول تغير المناخ." وقال إن العديد من الروس يتشككون في أن الاحتباس الحراري يقع نتيجة أفعال البشر. وقال اريلد مو خبير سياسة المناخ الروسية بمعهد فريتيوف نانسن في أوسلو إن ميدفيديف لم ينفذ في بعض الاحيان تلمحيات بأنه سيشدد من السياسات. وأضاف "قال ميدفيديف اشياء صائبة كثيرة فيما يتعلق بالعديد من القضايا بدءا من الفساد وانتهاء بدور المنظمات الأهلية لكن لم يتم إدخالها في عملية قانونية." وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991 تراجعت انبعاثات روسيا من غازات الاحتباس الحراري وظلت في 2008 أقل من معدلاتها في 1990 بنسبة 33 في المئة. أما الصين أكبر الدول المسببة للاحتباس الحراري فلم تلق بشكل مباشر باللائمة على تغير المناخ في الفيضانات والانهيارات الارضية التي اودت بحياة أكثر من ألفي شخص. لكن تعليقاً نشرته صحيفة "بكين ديلي" الاسبوع الماضي قال إن تكرار الكوارث يعني أن "تغير المناخ يمثل تهديدا حقيقيا للأنظمة البيئية الطبيعية للصين وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها." ___________ * اليستر دويل