حمل معرض «خربشات الروح» للفنانتين سيما آل عبدالحي وليلى مال الله دلالات تراثية ومعاصرة مثلت في جوهرها تجربة الفنانتين التي تقاطعت بشكل حميم في تشابه الاشتغال والتجربة مع بعضهما. وأتى المعرض الذي شهدته أخيرا صالة مركز الخدمة الاجتماعية في القطيف ورعته الأميرة جواهر بنت نايف بن عبد العزيز، ليمثل اشتغالات ذات مناخ فني واحد اتفق معظم من رصد تجربتيهما التشكيلية على أنهما تجارب مربكة ومغايرة للمشهد ومتجاوزة للتجارب المحلية. سيما تقول ل «عكاظ»: «الدنيا كلها خربشات بدءا من لحظة الولادة للحظة تعالق الأفكار ومرحلتها بالتجارب اليومية العادية والمعقدة، نحن نخربش يوميا بأرواحنا». وتضيف: «كانت بداية التجربة قائمة على الجرافيك لكن ليس كفن مستقل، لقد استخدمنا التقنية لإخراج العمل بصورة فنية مميزة». وتجهز سيما لمعرض جماعي وتشتغل على تصميم أغلفة مجموعات أدبية لشعراء وكتاب مختلفين تميزت تجربتهم. التشكيلي أحمد إمام يرى أن «ديناميكية أعمال سيما أعطتها السبق الفني الذي ميزت به بين الواعدات فالجميع في حالة الصمت»، ويشير إمام إلى تجربة ليلى بالقول: «عندما تصول وتجول بين أركان تجربة ليلى بحثا وتنقيبا عن الحالة المسيطرة التي تعيشها أثناء إبداعها للعمل الفني التي تسجل فيها ما تبحث عنه مستخدمة أدواتها الجرافيكية وقوالبها الطباعية، تشعرك بوحي وإيمان عميق بالحب». ويلحظ إمام في تجربة سيما وليلى أنه «عندما تتجول في معرضهما تشعر وكأنك تتجول داخل نفسك ويغمرك إحساس ما بالانتماء لهذه اللوحات». الصالة التي امتلأت بأكثر من 130 لوحة فنية باختلاف أحجامها واشتغالاتها وتفاصيلها، كانت مشغولة بأعمال ومناخات مختلفة، فسيما قدمت 85 لوحة بخامات من الخشب وورق الجرائد ومكعبات من ورق مزدانة بالوجوه المستوحاة من النقوش الفارسية ومن حضور الشاهنامة بكل سطوتها على الفن الفارسي المعاصر، وحملت التجربة دلالات فلسفية ودينية، إذ ازدانت بعض اللوحات بآيات قرآنية خطت بعناية وأناقة شديدتين. الأمر نفسه نجده في تجربة ليلى، فلم تغب الحروف العربية عن بعض اشتغالاتها التي بلغت 54 لوحة بين خشب وورق بألوان زيتية وأكروليك شاغب الكولاج في بعض لوحاتها. الوجوه والأجساد التي بدت ذات بعد ثقافي وتراثي عند سيما بدت عند ليلى معاصرة وراقصة بشكل واضح قد لا يحيلك إلا على وعي اللحظة المعاصرة لديها التي لربما تكون متآلفة مع بعض زوايا سلفادور دالي بثوب جديد تلبست من خلاله الإيقاع اللامتناهي بين الجرافيك والتشكيل، ولربما كسرت ليلى تجربتها بعشر لوحات انطباعية تراثية أحبت من خلالها أن تغمز للجمهور الذي يحب أن يلتقط الفن بشكل مباشر، غير أن ليلى خرجت عن مناخ التجارب بإشراكها لهذا الاشتغال وإثقال المعرض به.