على قدر ما وعظ مجتمعنا وبقدر عدد الفتاوى والوعاظ في حياتنا، إلا أن أزمة أخلاقية وإنسانية حقيقية ودينية تواجهنا، وفي حين خرج نحو سبعة آلاف متطوعة ومتطوع إلى الأحياء المتضررة من السيول، وهم متطوعون في «لجنة جمع المساعدات» للأسر المتضررة من كارثة جدة ومقرها «مركز المعارض والمؤتمرات الدولية»، تواجد «محتسبون» بدون صفة رسمية، هدفهم مراقبة عمل المتطوعين وتحركاتهم داخل المركز، يحذرونهم من الاختلاط، ويمارسون تشويشا على جهودهم في فرز وتصنيف المساعدات، ما يضع سؤالا نحتاج الإجابة عليه، أين فرق الشرطة والهيئة في أحياء يشتكي ساكنوها من سرقات سياراتهم وأجواء كثر فيها انتهاك الحرمات والسرقات استغلالا من ضعاف النفوس للفوضى التي خلفتها الفيضانات. ولست أعلم أين هؤلاء المحتسبون من الفساد الذي خلفته هذه الأزمة، إنني لا أجد كبير فرق بينهم وبين (البعض ولا أعمم) ممن ابتز الناس ورفع أسعار الشقق أو تقاعس عن إغاثة الملهوف، هؤلاء المحتسبون لا يحق لهم أن يشعروا بالفوقية ويتواجدوا لنصح المواطنين ويجب محاسبتهم وعدم تركهم مفلوتين على المواطنين للوعظ في زمن الإغاثة وبدلا من توفيرهم للدعم والخجل من موقفهم (المتخلف) البعيد عن روح الدين والرحمة والحد الأدنى من التعاطف مع المتضررين يتوقعون أن تضافر أفراد المجتمع نساء ورجالا هو اختلاط ربما يفضي إلى فتنة ومنكر!! من يفكر في هذه التفاصيل وسط روائح الأوبئة والأمراض والجثث والتشرد والبحث المضني عن مفقودين وضياع الأوراق وابتزاز الناس في أقبح صوره..! أتوقع أنه يحتاج إلى مناصحة وإعادة توعية ودروس في التمييز بين الخطوب وما يتمخض عنها، وبين الحياة العامة العادية. هذه المأساة لم تترك منزوع أخلاق إلا وكشفته وساهمت في تعريته، بداية من تجار السوق السوداء ومن طلبوا 500 ريال مقابل إنقاذ الغرقى، وانتهاء بأصحاب الأحواش التي تكدست فيها السيارات المحطمة رغم أنف ملاكها وبفعل السيول فتم ابتزازهم بمطالبتهم بدفع مبالغ تصل إلى ألف ريال مقابل الحصول على سياراتهم وهي بحالتها المتهالكة. أما أصحاب الشقق فرفعهم الأسعار كأنه موسم سياحي مزدهر لا كارثة وتفننهم في تعذيب الناس حتى وصل بأحد المتضررين إلى الكذب والادعاء بأنه قادم من خارج جدة للحصول على سكن، وأصحاب ورش الصيانة المأمورون بالتعامل المباشر دون مقابل مع المتضررين والفواتير تدفعها جهات حكومية ورغم ذلك ينتحب الناس على صفحات الصحف من التعذيب النفسي والاستهانة بالمشاعر. لماذا ترك هؤلاء المحتسبون كل من مارسوا المنكرات في أبشع صورها الخالية من الإنسانية وأبسط قواعد الدين وسولت لهم أنفسهم العبث بالأوامر والإجهاز على ما تبقى من روح المواطنين المكلومين واختاروا مناصحة المتطوعين والمتطوعات..؟! لأن الدين لديهم اختزل في أخلاقيات الاختلاط بين الجنسين وليس في التعاملات بين الناس ومدى تفشي الظلم والجور والابتزاز. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 239 مسافة ثم الرسالة