أوقفت الأمطار التي ضربت محافظة جدة (الخميس) عقارب الساعة الممتدة على معصم حي «قويزة» وتسببت في شل الحياة العامة، بعد أن أجبرت عدداً من السكان على إخلاء منازلهم بشكل موقت، معلنةً تحول الحي القاطن شرق المحافظة إلى منطقة أشبه ب «مدينة الأشباح». تحول «قويزة» إلى مدينة الأشباح، وهو مصطلح يطلق غالباً على المدن المهجورة التي لم يعد يسكنها أحد، بسبب توقف النشاط الاقتصادي أو لتسجيل كوارث طبيعية أو بشرية مثل الفيضانات أو الحروب، يتميز بطابع خاص، فهو لا يتحقق على مدار العام، بل يرتبط بشكل مباشر بموعد تحدده سحابة سوداء تنفذ زيارة خاطفة تشرع من طريقها الأبواب أمام الزائرين للوقوف على صور تكون ألبومات للحزن والدمار. جولة «الحياة» الصباحية أمس، خرجت بتدوين ملاحظات عدة لا تختلف كثيراً في مضمونها عن الملاحظات المسجلة خلال أيام «كارثة جدة»، ولكن بصور أقل ضرراً، فمشاهد مسلسل علاقة «الحي مع المطر» مكررة، مركبات غارقة في الوحل، ومحال تجارية موصدة الأبواب، وأُسر تقيس حجم الضرر الذي أصاب المنازل بعد الخروج بسلام من مغامرة اللعب مع مياه الأمطار، إضافة إلى انتشار فضوليين يتجولون بين الأزقة، يحمل البعض منهم أجهزة إلكترونية تحولت استخداماتها فجأة إلى «التوثيق» فقط. br / دفتر الملاحظات المتوقع تحوّل صفحاته في يوم من الأيام إلى مرجع تاريخي تستفيد منه الأجيال القادمة، سجل مرة أخرى فشلاً ذريعاً في خطط ومشاريع تصريف مياه السيول المعتمدة من بعض الأجهزة الحكومية، مؤكداً الحاجة إلى إعادة النظر فيها، في وقت نبه فيه على تطور ملحوظ في مهارة سكان حي «قويزة» خلال إدارة معركة «المطر» وتمرير أسرهم من طوق النجاة للخروج من دائرة «الموت». وبعيداً عن دفتر الملاحظات، وسطوره الممتلئة بقصص حزن ورعب عاشها أهالي الحي المغلوبين على أمرهم، يتوقع أن يسرق حي «قويزة» والأحياء المجاورة الأضواء لفترة محدودة، تنتهي بعد هدوء عاصفة مطر الخميس، ويبقى سكان الحي في وحدة يدندنون بيت شعر كتبه الأمير خالد الفيصل يقول: «إن قلت زانت خالف الوقت ظني ... وإن قلت هانت عاجلتني بلاوي».