انحسرت مياه السيول المتدفقة في أحياء شرقي جدة لتكشف عن أحزان الناس الذين يجتمعون جماعات في الأراضي البيضاء والميادين للبحث عن سبل تمكنهم من العثور على مفقوديهم، يلتئم شمل الأهالي في السادسة صباحا وتستمر أعمال البحث والتنقيب في الركام وتحت الأنقاض حتى ما بعد مغرب الشمس، الكل يبحث بين الأنقاض، وفي أعماق البحيرات الصغيرة المفاجئة، وتحت الأشجار المجروفة. اضطر بعض السكان إلى نصب خيام في الميادين لتنطلق منها فرق التطوع في أحياء قويزة، الصواعد والبستان. يقول مستور السلمي «بعد صلاة الفجر، ينطلق المتطوعون إلى السهول والأودية والميادين، وعثرت مع رفاقي على سبع جثث مطمورة في مكان واحد، وأبلغنا السلطات عنها، فطلبت منا الجهات المختصة وضع علامات على المواقع التي عثرنا فيها على الجثث، والمفارقة أننا وجدنا موتى بأكفانهم على مسافة تبعد عن الوادي ثلاثة كيلومترات، يبدو أنها جثث جرفتها المياه من مقابر تقع أعلى الهضبة. تجارب الأيام الفائتة منحت مستور السلمي ورفاقه خبرات تراكمية في كشف مواقع الموتى المطمورين تحت الطين، أهم علاماتها توالد الحشرات وانبعاث روائح، يضيف السلمي «الأهالي يمضون ساعات طوالا في البحث عن الموتى، وما زالت الروائح وأسراب الحشرات تشير إلى مواقع محتملة، أعمال البحث متواصلة لكن البحيرات الخطرة تمنع تحركنا». يلتقط تركي المالكي طرف الحديث ويواصل «عثرنا على عدد من الجثث بجهودنا الذاتية، كان آخرها لرجلين وامراة وجدناهما في مكان يعرف بالبرحة البيضاء، وهي أراضٍ كبيرة وواسعة، فيها جثث كثيرة ونتوقع المزيد خلال الأيام المقبلة».