المسألة كلها شفط في شفط، هكذا ستتم معالجة حالة الغرق التي تعيشها جدة، فهمت ذلك من خلال تغطية «عكاظ» لتداعيات كارثة الأمطار والحوار الصريح الذي نشرته مع أمين مدينة جدة أمس، فالمدينة الكبيرة التي تعد من أهم مدن الشرق الأوسط لا تملك شبكة لتصريف المياه (تخيلوا!) أي أنها كل هذه السنوات ممنوعة من الصرف أو بعبارة أدق (تصرف ع البحري)، وإذا أردنا أن نلتزم بتصريح الأمين فإن 70 في المائة منها بلا شبكة تصريف مياه، وال 30 في المائة الباقية يجري العمل على تنفيذها، هذه ليست إشاعة مغرضة بل هو الأمر الواقع، لذلك ليس ثمة حل سوى الشفط!. والشفط الذي نحن بصدده اليوم هو نتيجة حتمية لعمليات (شفط) سابقة، فالأموال التي خصصتها الدولة لمشاريع الصرف الصحي طوال السنوات الماضية، تعرضت للشفط بطريقة أو بأخرى، والشفاطون الكبار الذين شفطوا المدينة في الماضي (شفّطوا) واختفوا عن الأنظار ولم يعد البحث عنهم أمرا مجديا، لذلك فإن مدينة جدة قد أدمنت الشفط اليومي قبل سقوط الأمطار الغزيرة بزمن طويل، وهذه الحالة المزرية تفسر لنا كثرة مرور سيارات شفط الصرف الصحي في شوارع جدة، حيث يعد الوايت الأصفر من معالم المدينة، مثله مثل الحافلة ذات الطابقين في لندن!. باختصار، نحن اليوم أمام مدينة مشفوطة تحتاج إلى شفط عاجل، أما الحلول الفانتازية التي واكبت عملية الشفط الكبرى؛ فتمثلت في تحويل أحد الأنفاق الرئيسية في حي الجامعة الذي ترتبط به مجموعة من الطرق إلى بحيرة مؤقتة لتصريف المياه!، بالإضافة إلى دعم السدود الترابية لمنع أي فيضان في بحيرة المسك (للصرف الصحي!) ومحاصرة أمواج المجاري التي قد تغرق المدينة في أية لحظة بحاجز رملي، وكذلك حفر بعض المسارات لتشتيت السيول و(تدويخها!) وزراعة بعض الأشجار التي اشتهرت بقدرتها الكبيرة على شفط المياه في مجاري السيل، ولم يبق إلا توزيع (سيديات) للسامرية الشهيرة: (السيل يا سدرة الغرمول يسقيك)!. قد لا تخطر هذه الأفكار السوريالية ببال سلفادور دالي، ولكن ليس ثمة حل آخر سوى أن يغادر جميع سكان جدة، بمن فيهم مخالفو الإقامة، لقضاء إجازة العيد في الرياض أو الشرقية حتى ينشف المطر، وحبذا لو استمرت إقامتهم هناك حتى ينتهي موسم الأمطار، خصوصا أن الحلول المتاحة في الوقت الحاضر هي الشفط ثم الشفط ثم الشفط. تحتاج جده اليوم إلى ما لا يقل عن سبعة مليارات ريال لبناء شبكة صرف صحي لن تكون جميع أجزاء هذه الشبكة تحت الأرض -كما جرت العادة- لكنها (تمشي الحال وتسلك المسائل)، واقترح في حالة اعتماد هذه الميزانية أن تصرف على شكل هللات وريالات معدنية كي يصعب شفطها، أو على الأقل يمكننا التعرف إلى من شفطها، لأنه سوف (يقرقش) حين يسير بيننا!. يبقى خالد الفيصل الأمير الأمل، في أن يقبض على الحق لجدة، التي راهن ويراهن على إعادة الروح لها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة