يوم واحد زارت الأمطار هذه المدينة أدت إلى اجتياحات مائية، ودخلت السيول إلى العديد من الأحياء ارتفعت فيها أعداد الوفيات الناجمة عن الأمطار (على جدة وما حولها) إلى 83 شخصا، والعدد قابل للزيادة كون تحذيرات الدفاع المدني قد وصلت عبر رسائل جوالية تؤكد أن الأمطار لا تزال تتهيأ للهطول على هذه المدينة التي تركت بلا تصريف سيول أو صرف صحي. وكلما ارتفعت الأصوات مستغيثة ومتنبئة بما يمكن أن يحدث ألجموا أفواهنا بأن المشروع قائم ويحتاج لخمس سنوات، وهذه الخمس السنوات مطاطية، كما أن الوعود جعلتهم لا يقومون بإيجاد خطط بديلة في حالة غرق جدة. والذين توفوا كان من الممكن أن يصلوا لعشرات المئات، فجهد الدفاع المدني قلل من عدد الوفيات بانتشاله ل853 شخصا من الغرق. هذا على مستوى الأنفس، بينما أحدثت الأمطار دمارا كاملا للممتلكات، وصدعت كباري وهوت بشوارع وأغرقت سيارات.. بمعنى آخر، الأمطار أحدثت عريا كاملا لكل الأوضاع التي كنا ننادي بالتنبه لها في غياب وجود تصريف للسيول. ومن وقف على حالة الناس وهي تصارع الموت غرقا سيشعر بالغضب على كل جهة أهملت دورها لتترك الناس يقابلون الحالات الطارئة بأجسادهم وممتلكاتهم. والكارثة التي سوف تحدث (في الأيام القادمة) هي غرق عشرات الأحياء؛ لأن مواقعهم داخل أودية كانت ضامرة، وسبق أن كتبت لائما الأمانة في السماح لتجار العقار ببيع أراضٍ سكنية وسط أودية.. وهذا الوضع ما زال مستمرا.. ومن لا يصدق لينظر إلى الأحياء الجديدة التي قامت في بطون الأودية. ومع التغيرات المناخية ستكون الأمطار أكثر هطولا، ما يعني جرف تلك الأحياء إلى النهاية الحتمية.. وصمت الأمانة عن هذا لن يجبرها أحد على فتح فمها حين تقع الكارثة، وستقول إنه قضاء وقدر. ولأننا نموت بهذا العذر في أمور كثيرة، فسنجد أن هناك من يبرر هذه الكارثة بأنها من القضاء والقدر ولن يذكر الإهمال الطويل لمسببات هذا القدر. ثم من نظر إلى الطرق الطويلة أو القصيرة بعد هطول المطر سيلحظ أن الأرض هبطت أو تشققت، أي أن الأرض مادت تحت السيارات التي تساقطت كسمك الساردين وتشققت بعض الكباري. يعني إيه هذا؟ أعيد القول: لا بد من إخضاع جميع الجهات المسؤولة عن كارثة الأمطار للمساءلة القانونية، فالإهمال المتبع أدى إلى وفاة أناس وفقد ممتلكات وتخريب لبنية تحتية كنا نظن أنها تأسست بصورة صحيحة فإذا بها قشرة. كما أحمل الأمانة مسؤولية أية كارثة قادمة على الأحياء القاطنة داخل الأودية. وأعتقد أن تعويض المتضررين تتحمله عدة جهات يجب أن تقوم بدورها لتعويض الناس عما فقدوه. [email protected]