عام واحد اختلفت معه الصورة، فالحاج الذي كان يرفع مظلته البيضاء فوق رأسه لتصد عنه خيوط الشمس الحارقة، لم يعد يهتم بحملها كثيرا، تحول للتنقيب في مخازن الصيدليات وأدراج الدكاكين عن كمامة بذات لون مظلته القديمة. سقطت المظلات من فوق رؤوس حجاج وغلفت الكمامات أفواه آخرين، وأصبحت حرارة الشمس عند البعض عارضا ليس ذا بال إذا ما قرأ في حضرتها آلاف القصاصات الصحفية التي تهلع القلوب وتفجعها من مرض اسمه «انفلونزا الخنازير». يوم أمس بدا منظر العاملين في قطاعات أهلية تهتم بالمسؤولية الاجتماعية مثيراً للحجاج القادمين إلى مشعر منى، فأكياس الهدايا محملة على غير العادة بكمامة عليها علامات تجارية لغرض الترويج والإعلان، في الوقت الذي قالت فيه شركة الاتصالات السعودية ل «عكاظ» أنها وزعت 3 ملايين كمامة على ضيوف الرحمن، فيما دعمت شركات الحج حملاتها بعشرات علب الكمامات ووزعتها أمام مداخلها بلا مقابل. وعلى الرغم من ظهور الكمامة الطبية منذ وقت باكر وهي تغطي أفواه الأطباء أثناء دخولهم لغرف العمليات، إلا أن مكتشفها لا زال مجهولا ولم تصل للشهرة التي نالتها المظلة أو الشمسية كما يسميها البعض والتي عرفتها البشرية على أيدي الصينيين قبل 3000 عام ثم تطورت على يدي مخترع إنجليزي عام 1852م، وخرجت إلى الناس بشكلها الحديث محاطة بإطار حديدي، في ألمانيا عام 1930م وأصبحت من ذلك الوقت تفتح وتغلق بسهولة. وارتبطت المظلة في العقدين الأخيرين بالحجاج استجابة لنصائح وزارة الصحة بضرورة اتقاء ضربات الشمس ورفعها فوق الرؤوس. اليوم غابت هذا النصيحة واستبدلت الوزارة نصائحها القديمة بدعوات الوقاية من انفلونزا الخنازير ب «كمامة».