ما إن يتأهب الجندي في المعركة للبدء في تنفيذ طلعة أو استطلاع أو مواجهة، حتى يبادر إلى التزود بالأدعية المأثورة والآيات القرآنية، وقبل هذا وذاك تأدية الصلاة. إنها الفطرة الراسخة في عقول وأفئدة الجنود البواسل، وحينما أتيحت ل «عكاظ» فرصة التجول في المناطق العسكرية المحظورة بالقرب من جبل دخان كانت ألسن أبطال المعركة تلهج ب «باسم الله والله أكبر»، إنها معنى للروح المتقدة. في ساحة المعركة من النادر أن تجد قائدا تفيض عيناه بالدمع، لكن قائدا عسكريا (فضل عدم ذكر اسمه) فعلها «عندما أشاهد جنديا ترك كل شيء خلفه واتجه صوب القبلة رافعا يديه نحو الإله الواحد، لا أستطيع أن أتمالك نفسي وأشعر بقشعريرة تسري في جسدي، إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله». هكذا قال القائد العسكري الميداني على رفوف ناقلات الجند والآليات العسكرية وحافظات الزي العسكري تجد المصحف الشريف يقرأه الأبطال آناء الليل والنهار. ويؤكد أحد الجنود أن المصحف الشريف مرافقه الخاص، «أشعر بحالة من الهدوء العجيب تتملكني والمصحف في جيبي»، إذ يفترش البواسل الأرض ويتخذونها مسجدا، فتجد الجباه وقد تعفرت بتراب الوطن والطهر والعزة، إنها صورة رائعة عندما تتعلق حبيبات الرمل في الجباه وتقطر من على الوجوه بقايا ماء تسيطر الأدعية التي تشحذ الهمم وتقود إلى التوكل المطلق على الخالق «اللهم سدد رمينا، واجعلنا أداة لدحر الظلم والعدوان، وسدد خطانا». إنه الإيمان العميق، ويؤكد أحد الرماة إنه يذكر الله مع كل طلقة وبشكل تلقائي. تحصن وزارة الدفاع منسوبيها دينيا ويرافق أفراد القوات المسلحة في أرض المعركة متخصصون في الجانب الشرعي والديني، وهم أساسا عاملون في الميدان ضمن الوحدات العسكرية المختلفة، وتبعث إدارة الشؤون الدينية في الوزارة إلى أرض المعركة ضباطا مؤهلين شرعيا وعسكريا ومزودين بكتيبات ومنشورات دينية لها ارتباط عسكري.