«اهربوا، اهربوا» يصرخ ثلاثة عناصر من الجيش والشرطة العسكرية في وجه الصحافيين، مصورين ومراسلين ميدانيين يطلبون منهم الدخول إلى عمق ورشة إصلاح سيارات هجرها العاملون. يؤمن الجنود ببسالة مواقع آمنة للإعلاميين بينما تتطاير أعيرة الرصاص من فوق رؤوسهم. في مثلث العين المطل على الخوبة غرب جبل دخان كان الصحافيون ينتظرون الإذن للتوغل أكثر إلى المنطقة الحمراء، إلا أن احمرار النار كان قريبا منهم، إثر تسلل أفراد من العصابات المخربة، بينما بقي السؤال ماذا يجري؟ كعادة أصحاب مهنة البحث عن المتاعب. يطمئن الإعلاميون على بعضهم دون تفرقة أو انتساب إلى قناة تلفزيونية، أو صحيفة محلية وحتى دولية، جميعهم يكسوهم الخوف ويجلسون خلف السيارات عزلا دون سلاح أو ملابس واقية، عدا اثنين منهم. يستل المصور خالد الخميس سيجارة ويشعلها متحدثا عن الصور التي ارتسمت أمامهم: «لم يكن في بالي وأثناء ركضي سوى صورتي ابني حمودي وعزام وابنتي، خوفي عليهم فقط وأعرف أنني أؤدي عملا شريفا من أرض المعركة». احتمى الصحافيون بينما استغل المصورون الفرصة لالتقاط صورة يرون أنها نادرة، وسط ضحك الصحافي عبد العزيز النبط الذي أتى من سكاكاالجوف ليغطي الأحداث قائلا: «أول مرة أجرب هذه الظروف وأضحك من منظر الزملاء وهم يختبئون خوفا، خبرة يشوبها الخوف والحذر والاستغراب». يلتقط الإعلاميون أنفاسهم بعد 40 دقيقة، إبان تطهير رجال الجيش للمكان ليعودوا إلى السيارات بين صامت خائف ومتندر يداعب زميلا بأنه اختبأ عند خزان وقود.