كبر جيل جديد من المشاهدين وترعرع في كنف الحياة الصاخبة وماديتها الطاغية وتلونت عقول الكثير بألوان من أزياء الشاشات .. جمهور تفاعلي وبيئات للعمل مختلفة كل هذا التنوع قابلته محاولات فضائية إسلامية للمواجهة والمنافسة والتأثير والاستقطاب ظلت في المشهد العام محدودة. الحاكم في واقع الإعلام الإسلامي الفردية والمشروع المستقل وبدل ذلك يلزمنا قوننة الشمول والتوازن والتنوع فهذه الاستيعابية سبيل لحالة التحالف المطلوب بين قنوات ضعيفة ماديا تحمل فكرة واحدة متخصصة كقنوات الاستشارات أو قنوات الترفيه أو القنوات ذات التركيز الوعظي. وفي إشكالية أخرى فإن أية محاولة للابتعاد عن محددات المهنية التي تأسست أنماط المشاهدة الإعلامية عليها، ودون احترام القدر الأدنى من المعايير الفنية فإن حالة الحوارات المصمتة وتغييب لغة الصورة وسد ساعات البث ببرامج الإلقاء الجامدة لن تصنع جيلا جديداً ولن تجد من يتعاطى معها .. كم من القنوات الإسلامية الهادفة انطلقت خلال الفترات الماضية والسؤال الأهم كم قناة شكلت إضافة وماهي حجم الإضافة؟ في المقابل كم قناة غير هادفة اقتحمت أجواءنا في الفترة الماضية وكم قناة كسبت الرهان وتفوقت؟ جزء من إشكالية ضعف الإمكانات يفسر بوضوح لماذا ارتهن الإعلام الفضائي الإسلامي للاستديو والبرامج الإلقائية وغاب عن الحدث ولم يستطع أن يوجد قدرة على الرصد والمتابعة، وهل هناك فرق بين مشاهد محافظ وآخر في حبه لرصد الآحداث أولا بأول؟ فضلا عن تغييب أدوات المتعة والترفيه والجذب والإثارة والتركيز على تكثيف الرسالة فكان الواقع محتوى جميلا في قالب غير قابل للمشاهدة. ماينفق على الإعلام الآخر ضخم وما تحمله إمكانات إعلامنا محدود وهنا تصحو المفارقة بارزة عندما نرى تكلفة برنامج واحد مؤثر متفوقا على ميزانية أكثر من قناة إسلامية مجتمعة .. حالنا كحال ميزانيات بعض دول أفريقيا إذا ما قسناها بميزانية شركة عابرة للقارات!! أخيراً فإن ضعف الخبرات التي تقود المشهد العام تحدث حالة من الارتباك في هذه الصناعة وتأخر فرص منافستها بشكل كبير وهي تفسير حقيقي لضياع الهوية الخاصة بكثير من هذه الوسائل. قبل أن ينفرط عقد المشاهدين إلى ما يلبي احتياجاتهم بلغة إعلامية مهنية قبل أن تنطفأ شمعة التأثير ويتسرب المشاهد القريب فضلا عن ابتعاد البعيد إلى وسائل تحترم تطور حاجاته في المشاهدة يلزم الإعلام الهادف التحول إلى نمط تحالف واندماج بين مشاريع فضائية مختلفة لتقوية القاعدة وتأسيس البنية ووضع التدريب كركن أصيل في تطور واستمرار وهج مشاريعنا ويلزمها كذلك إحداث شراكة حقيقية يكون فيها المشاهد مؤثراً في نوع المادة ودافعا رئيسيا لتمويل هذه الصناعة من خلال الدعم المباشر أو دفع شبكة الإعلان للتوجه إليه عبر شاشات الإعلام الهادف. * كاتب وإعلامي