يستذكر الجنود السعوديون الذين يواجهون المتسللين الحوثيين على الحدود مع اليمن كلمات الأغنية الحماسية للفنان محمد عبده إبان حرب الخليج «هبت هبوب الجنة» في الأحداث الجارية، والتي أعادت لرجال اليوم حقبة الأغاني الوطنية التي عاشوها عندما كانوا صغارا لأول مرة في أول حرب واجهتها المملكة. وعلى خط النار في منطقة الخوبة تعالت صيحات «الله أكبر» لمنع الحوثيين المتحصنين في الجبال والتضاريس الوعرة من التسلل إلى الأراضي السعودية ضمن النازحين الذين يحاولون دخول أراضي المملكة بأشكال مختلفة. «عكاظ» تواجدت في ساحات المعارك في مواقع جلاح، ضبيره، قرى الراحة، الصبخاية، والغاوية أسفل جبل دخان وجبل الدود ورصدت ساعة الصفر والحشد لانطلاق القوات المسلحة باتجاه الأهداف المحددة. لحظات حرجة يودع فيها الجنود بعضهم البعض بعبارة «النصر أو الشهادة فداء للوطن»، لتتجلى فيها قمة التضحية في أبطال أشاوس جمعهم حب عظيم لوطن أعظم، ولا يختلف في هذا الموقف الضابط عن الفرد إلا عندما يتواجد قائد الكتيبة أمام مجموعته. ويخاطب قائد العمليات الوحدات العسكرية المقاتلة، ملقيا عليهم وصايا سريعة بعدم التساهل مع العدو المتسلل من الأودية والشعاب، ومؤكدا على قادة المجموعات تحريك القوات جماعية أو بشكل فردي بحسب ما تتطلبه المهمات التي تطرأ في المواقع. وإزاء هذا الحماس في الذود عن حياض الوطن يبدأ قائد كل مجموعة بإعطاء تعليمات لمقاتليه ويوزعهم على العربات المخصصة لهم والمجهزة بالأسلحة المتنوعة، تتقدم بعدها القوات إلى خطوط النار والمحاور التي أعدها لهم قائد العمليات العسكرية. وبينما يستعد الجنود البواسل للتقدم نحو الأهداف المحددة، ترصد دوريات الهمر الميدان وتجوب الطرق في قرى محافظة الحرث وتنقل الصورة الكاملة إلى غرفة القيادة والسيطرة والتي يتم من خلالها تمرير الإشارات العسكرية والتعليمات والخطط للفرق العسكرية في الصفوف الأمامية. المتسلل يقع في قبضة رجال حرس الحدود سريعا بدون مقاومة لأنهم يعرفون مواقع التسلل ويمتلكون خبرات عالية في تضاريس المناطق الجبلية التي يقصدها المتسللون، وشهدت مزارع الراحة ضبط خمسة حوثيين حاولوا الدخول إلى القرى واستغلال المنازل التي هجرها سكانها بعد عمليات الإجلاء، إلا أن العمل التكاملي بين المجاهدين وحرس الحدود حال دون اقتحام المكان وأحكم السيطرة وضيق الخناق في وجه العصابات. كما شهد وادي القصب مطاردات ماراثونية لمجموعات تسللت بشكل منفرد إذ استدعى التكتيك العسكري السماح للمتسللين بعبور المنطقة لمسافات ومراقبتهم والقبض عليهم في نقاط يحددها حرس الحدود وأسفرت تلك الملاحقات عن ضبط 25 فردا، تبين فيما بعد أنهم من مجهولي الهوية. ولم تتأثر العمليات العسكرية أو الملاحقات الأمنية أمس بالعاصفة الرملية التي اجتاحت المنطقة واستمرت نحو أربع ساعات انعدمت خلالها الرؤية في بعض مواقع الحرث والخوبة وجلاح والقرى الحدودية. وأبلغت «عكاظ» مصادر أمنية أن العصابات التي يتم القبض عليها تخضع للاستجواب ومعرفة أهدافهم ودوافعهم ويتم التعامل مع المتخلفين وفق أنظمة الإقامة والعمل، إذ يحالون إلى الجهات المختصة تمهيدا لترحيلهم إلى بلادهم.