في كتاب سيرته الذاتية الذي يحمل عنوان «أوبن» ويصدر غداً في الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وهولندا، على أن تصدر طبعته الفرنسية يوم 10 ديسمبر المقبل في باريس، كشف نجم التنس السابق الأمريكي أندريه أغاسي أوراقا يمكن القول إنها كانت مخفية عن عامة الناس وأقرب المحيطين به.. إنها أسرار بطل وممارساته، ووجه لا يفضله البتة أنصاره ومحبوه. النجم أغاسي الذي اعتزل عام 2006م اعترف أنه تعاطى المخدرات وخضع لكشف طبي جاءت نتائجه إيجابية عام 1997م، وأنه كذب على السلطات الرياضية بقصد تجنب عقوبة الإيقاف. في إحدى صفحات الكتاب السيرة، يقول أغاسي: «نعم لقد تعاطيت المخدرات (مادة ميتنافيتامين) وكذبت لتحاشي عقوبة الإيقاف». اعتراف مباشر وصريح، لكنه صدم كثرا في عالم «الكرة الصفراء»، وطرح أسئلة عن انعكاسات ذلك، علما أن اللاعب اعتزل عام 2006م، وعن الدافع خلف هذه «الخطوة الشجاعة» الكامنة في البوح المتأخر من بطل جنى من اللعبة نحو 21 مليون يورو، وتقدر عائدات كتاب سيرته ب 3.4 مليون. يسرد أغاسي (39 عاما) في كتابه مسيرة «شخصية مركبة» لطفل من لاس فيغاس وصف يوما ب «فيلسوف التنس»، وخاص في الإيمان في سنوات البلوغ وانشغل في الأنشطة الخيرية ورعاية الأطفال الذين يعيشون أوضاعا صعبة. ومتصفح الكتاب (السيرة لأغاسي) يسترجع محطات في مسيرة اللاعب الذي أحرز 60 لقبا منها ثمانية ألقاب في البطولات الأربع الكبرى «غران شيليم» في غضون 20 عاما، وأمضى 101 أسبوع متصدرا التصنيف العالمي. ويكتشف ربما الردة من خلال اعترافاته، أو الصورة الأخرى لرحلته في عالم الأضواء والشهرة. صورة الانتصار على الذات والخلاص ولو بعد حين لمن عانى طويلا. تعاطى أغاسي المخدرات في سنواته الأولى في اللعبة، إذ كان والده يعطيه حبوبا منبهة تجعله متحفزا في الميدان، على رغم أن شقيقه فيليب نصحه مرات بتجنبها.. ويومها لم تكن تجرى فحوص للكشف عن المنشطات، علما أنه برر ذلك لاحقا بأن المخدر لم يدخل حياته التنافسية بل انحصر في أوقات الترفيه والاسترخاء. وورد في الكتاب إنه كان يتناول أقراصا مخدرة تبعث الغبطة في الوقت الذي كان فيه يعاني انخفاضا كبيرا في مستواه المهني. حين اكتشفت حالة أغاسي عام 1997، كان الصحافي بيتر الفونو (نيويورك تايمز) مسؤولا إعلاميا في رابطة اللاعبين المحترفين.. وهو كشف لاحقا أن مؤشرات «غير رسمية» ظهرت آثارا إيجابية في فحوص مخبرية خضع لها أغاسي «لكنها لم تتابع»، ما يطرح شكوكا حول نجوم وأبطال كثر آخرين من أصحاب النفوذ، لا سيما أن آلية إجراءات الفحوص المخبرية ومعاييرها لكشف المنشطات والمخدرات لم تكن محددة قبل إطلاق يد الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات عام 1999. قبل أيام من صدور كتابه، أوضح أغاسي لمجلة «بيبول» إنه كان ينزعج في السابق إذا لمح أحدهم أو شك في تناوله مواد منشطة أو مخدرة، أو اشار إلى «خفايا» في حياته.. وبات الآن لا يطيق الانتظار للإفصاح عن كل شيء للعالم، «لأني أنشد السكينة». يكشف أغاسي أيضا أنه نشأ بخوف تحت رعاية أب عنيف، «وأمضيت حياتي ألعب التنس وأنا أكرهها».. وأنه ضلل رابطة اللاعبين المحترفين، إذ وجه إليها كتابا أعلنت فيه أني شربت عن طريق الخطأ كأس صودا ممزوجة بمخدر دسها لي مدمن اعتاد خلط مادة «ميث» بمشروبات غازية، متحايلا عليها لتجنب عقوبة كانت ستؤثر كثيرا على مسيرته الاحترافية، وأنه كان يشكك من زواجه من الممثلة بروك شيلتز. ويعترف أغاسي، أنه شعر بالخجل من كذبه على رابطة اللاعبين، لذا «اتخذت قرارا بأن يكون ذلك نهاية المطاف».. وقد قررت رابطة اللاعبين طوي هذا الملف. ولعل «المضحك المبكي» في تلك الاعترافات، ما أفصح عنه أغاسي معلنا أنه خلال فترة الإحماء قبل المباريات «كنت أصلي ليس من أجل الفوز بل لتبقى البروكة ثابتة على رأسي». خطوة شجاعة في الجانب الإيجابي من الاعترافات، آراء لعلماء اجتماع وأطباء نفسيين تطرقوا إلى «خطوة تحرير الإنسان عبر المثال والنجم»، وهي لا تنعكس سلبا على صاحبها بقدر تأثيرها على المعجبين به. ورحبت أوساط من مختلف الاختصاصات بهذه النقلة النوعية التي تحمل الكثير من الشجاعة، ووصفوها ب «الخطوة على طريق الشفاء وكسر المحظور اجتماعيا»، خصوصا أن الصورة كانت قد اختلفت لو أن الفحص الإيجابي كشف الآن، مذكرين بوضع مشابه للاعبين يان أولريش ومارتينا هينغيس، ما دفع بشركات رعاية إلى إلغاء عقودها معهما فورا، ومنها شركة الألبسة الرياضية (أديداس) التي اعتبرت أن لا عائق مطلقا يلغي ارتباطنا مع أغاسي المعقود منذ سنتين. وهو «سفير أديداس للتطوير» في أكاديمية التنس التي أسسها مع زوجته البطلة الألمانية السابقة شتيفي غراف. وأكدت الشركة بلسان مسوؤلتها أيمانويل غاي أن أغاسي شخص «أصبح أكثر حرصا وصدقا وهذا ما تدل عليه اعترافات».