لم يسمعنا أحد ونحن نردد لأكثر من عقد ونيف من الزمان: بأن مواجهة الفكر الضال، يمينا ويسارا، وتشددا، وانفلاتا، تدينا وخروجا، إنما يقاوم بالمعطى الثقافي التفاعلي (الحواري) المفتوح بين كل فئات الثقافة، وأنواعها، لتحقيق رأي واحد يكون الوسط الاجتماعي الأكثر، وأولها ثقافة المعطى البصري الواقعي الذي يطرح التنوع من خلال الترفيه، وأعني المسرح، والسينما والموسيقى. وباشتراط أن تخاطب الجمهور، ولا تستخف بعقله كما يحدث أحيان، ولا ترقى بعيدا عن فهم الواقع مثلما يحدث أحيانا أخرى، فتشدد الرأي يفككه تنوع الطرح في حوار الثقافة البصرية للوصول للمعتدل، والمقبول الذي يوافق عليه جمهور المتلقين، وليس بشطحات الكتاب المتنورين جدا، ولا ببساطة الطرح الساذج الذي تمارسه الثقافة الشعبية بدون هدف، ولا تسطيح الحياة اللاهية الذي تبثه الكثير من قنوات الفضاء. تنوع الطرح الأخلاقي عبر الثقافة لم يحدث إلى الآن، وإن جاءت إرهاصات هنا، وهناك فهي إرهاصات مقطوعة من سياقها، ولا تبني تراكما يمكن أن يؤسس لتفكيك التركيبات التقليدية المتشابكة، بل تكون عرضة للنسيان لعدم استمرارها، وبنائها تراكميا لخلق بيئة ثقافية في المؤسسة الاجتماعية الفقيرة للحوار المتفاعل، فاندياح موجات الفكر في البرك الفكرية الراكدة لا يتحقق إلا بطليعة ثقافية تطرح فكرها في بيئة المجتمع لكي يتفاعل معه. التشدد، والتعصب، وضيق الأفق كلها لا تخترق بمواجهة فردية، أو مناصحة عامة، بقدر ما تخترق بأداة الفنون المؤثرة والمصنعة، ونحن نرى اليوم ما فعله ويفعله الإعلام العام في توعية المجتمع ولو أن الصيغة الإعلامية المواجهة لا تكفي لخلق القناعات بكفاءة عامل الفنون التشاركية (التفاعلية) التي تخلق الحوار داخل الإنسان بينه وبين نفسه، وخارجه بينه، وبين آخرين مما يحدد قناعات متوافقة بسهولة تعم المجتمع، وتخلق طرقا للعودة، وهذا ما تختلف فيه الصيغ الفنية منذ القدم، عن الصيغ الإعلامية المقررة سلفا بالاستهواء سريع الزوال. قد يكون تخيل الفرق صعبا على بعضنا، بل عن البعض يستصغر فعل الفنون بالنسبة لعدد المتلقين بينها، وبين الإعلام البصري، لكن موجة الفكر المنداحة من الأعمال (المسرحية، والسينمائية، والموسيقية) تفعل الكثير بطبقة عريضة من المتفرجين عليها ومن حولهم، مما يجعل دولا أوربية تعطي الفنون المباشرة أموالا كافية، بل تبقي على العروض الحية رغم تكاليفها الباهظة دول مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية لأنها سند للمكنة الإعلامية المؤثرة، ولكي تعرف أهمية دور الفنون التفاعلية ما عليك إلا أن تقرأ تفاصيل أفلام، ومسرحيات، وحفلات موسيقية تصنعها أمريكا برسائل مباشرة للناس. الموضوع يتسع عن هذه الزاوية ولكني سأعود له من جديد. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة