أكثر ما يستفز خريجي المعاهد والكليات الصحية هي تلك البيانات الصحفية التي تبثها وزارة الصحة كل عدة أشهر، وتبشر فيها باستقدام ممرضين وفنيين من دول خارجية. يأتي مئات من الفلبين ومثلهم من جنوب إفريقيا وسريلانكا وما جاورها، فيما آلاف من السعوديين ممن أفرغوا جيوبهم في صناديق تلك المعاهد يعيشون مركونين في مخازن النسيان. الوزارة تتناساهم لأنها متيقنة أنهم مجهزون بمعشار التدريب الذي يحتاجه العمل اليوم في المستشفى. هم في نظرها مجرد أسماء ممرضين بلا علم ولا خبرة ولا تدريب، وكارثة أكيدة إذا مارسوا عملهم مع أرواح بشرية. لذا لا تنسى أن تضيف إلى صفات من تستقدمهم من الخارج، استفزازا أيضاً، وصف «ذو كفاءة عالية»؛ هي تستفز وتبرر فعلتها لمن كان لا يعلم. أتساءل ألف مرة بذات تساؤلات أولئك الشباب الخريجين الذين ضاعوا اليوم بعد أن ضاعت قبلهم أموالهم ابتغاء وظيفة لم تأت؛ لماذا تراقب وزارة الصحة وهيئة التخصصات الصحية تلك المسرحية ببرود أعصاب قاتل: تصر الأولى على إغلاق عينيها عن متابعة الخلل الذي جعل من أولئك الشباب شهادات فارغة وسعوديين في قائمة العاطلين، فيما البلد يعاني من حاجة وفقر إلى الكوادر الصحية الطبية. أما الثانية، وأعني هيئة التخصصات، فهي تغض الطرف بطريقة أو بأخرى عن فشل المعاهد الصحية التي تشرف على تقييمها والسماح بإنشائها. تراقب تدريبها منذ سنوات، وحين يأتي موعد الحصاد تخرج إلينا بذات التصريح: «خريجون غير مؤهلين للعمل الصحي». في الأفق ترتسم معادلة بالغة الخطورة لا تشي إلا بضياع وفشل كبيرين، ومن كان يظن عكس ذلك فليتفضل من الغد ويجيب أولئك المتربصين بإعلانات التوظيف السنوية في وزارة الصحة عن هذا السؤال الرياضي: لماذا ب«الصفر» تنتهي محصلة سنتين من التدريب والتعليم في معاهد صحية معترف بها من قبل ثلاث جهات حكومية، يدفع لها الطلاب والدولة ملايين الريالات تحت ضغط فراغ وظيفي في القطاع الصحي؟ أخشى أن يتجه اللوم في قابل الأيام إلى وزارة العمل لتجاهلها توظيفهم، ونتجاهل كالعادة الخلل الذي يكمن في نقطة بدايتهم، تماماً كما هي حكاياتنا مع بقية التخصصات وأصحابها العاطلين. مع هذا ما زلت أطمع في إجابة لسؤال آخر ولكن بنكهة اقتصادية بحتة: أين ملايين التدريب الصحي؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة