ينبغي أن يكون المستقبل حاضرا، حين الشروع في أي عمل يرجى من ورائه أمل ما. والأمل لولا مستقبل الأمر لغدا عملا. نقول هذا في اللحظة التي يتم فيها أصلا، وأحيانا: يغييب الحاضر الآني الجمعي، على حساب الماضي القبلي الشخصي. كيف يمكن لحاضر أن يكون موجودا، والناشئون الذين لم يدركوا بعد، فتك أيدلوجيات المجتمع ببعضها، يقرؤون في مطالع الصحف، وعناوين الشبكات: تراشقات العبارات، وصبيانية اللغة، وتبادل الطعنات، من كتاب تجاوزوا السن القانونية للياقة الكتابية. شارفوا الوصول لآخر الحقيقة، وهم بعد لم يحصلوا أولها. كيف نصل لآخر لا أول له . حين يربو القائم بعمل الكتابة على الخمسين، ثم يمارس عمل الكتابة بلغة تخجل حاضر العشريني القارئ، هو بهذا يحاصر نقاء حاضره بغبار ماضيه. ويهبه درسا في التشكيك بالقدوات، التنكر للرموز، التكشير في نوايا المصلحين، لا وجوههم فحسب. حين تنزلق اللغة لهاوية التراشق، وتصبح الصفحة ميدانا «شوارعيا» ينبغي أن نأخذ حذرنا، ليس من أجلنا، قدر ما هو من أجل الغائبين الذين يعززون حضورهم في ملتقيات التضاد هذه. فيربو جيل كامل على مفردة القطيعة، وحروف التخوين، وتفكيك ما يمكن جمعه، وجمع ما لا يمكن. الكتابة بالحبر الأسود هي من البساطة بما لا يعز أحد عنها، لكن الكتابة بالنية السوداء، هي من تجعل بعض «معمري» الصحافة والكتابة، نماذج للقفز يمنة ويسرة، بحثا عن مقانص / مناقص مغرية للآخرين، ترديهم بسهولة الرمي، وشهوة الإيقاع، وتشرع في إعداد كمائن أخرى للعابرين. وبسهولتها هذه، تفقد كمها التاريخي، زخمها المعرفي، فينساها الزمن وهو بعد حاضر لم يبارح. كيف به إن ولى هاربا. أخيراً: لا شيء أسهل من شتيمة بسبب، إلا الشتيمة بدون سبب. [email protected]