أكد صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أن ليس بالآمال وحدها تنجز الأعمال، وليس بالأقوال تدرك الآمال، وإنما بأفعال صادقة ومخلصة. فما يحيط بالعراق والمنطقة والعالم والمتغيرات والأحداث والمستجدات يتطلب من الجميع مضاعفة الجهد وتقدير الأمور بكل تجرد وحيادية، والعمل بكل جدية ومصداقية لنصل إلى تشخيص المشكلات واتخاذ ما يمكن لمعالجتها في قرارات صائبة. وفي كلمته أمام نظرائه في الاجتماع السادس لوزراء داخلية الجوار للعراق في منتجع شرم الشيخ أمس، أزجى الأمير نايف الشكر للرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية لاستضافة هذا الاجتماع والمشاركين فيه، في إطار دور مصر في خدمة القضايا العربية، كما أثنى على دور حبيب العدلي وزير الداخلية المصري لجهوده الملموسة في سبيل إنجاح الاجتماع وبلوغ أهدافه. وتابع النائب الثاني المؤتمرين قائلا: «إننا مع كل اجتماع ينعقد بشأن العراق وأوضاعه، ونتطلع بأمل وتفاؤل لأن نرى العراق قد تجاوز محنته واستعاد عافيته واجتمع شمل أبنائه على وحدة وسلامة مقدراته. ونأمل أن يكون فيما نعقده من اجتماعات وما نتوصل إليه من قرارات، ما يسهم في تحقيق هذه التطلعات السامية بصدق وجدية بتجاوب أبناء العراق معها بما فيه صالحهم وصالح وطنهم وأمتهم والمنطقة والعالم أجمع». وركز الأمير نايف على أن الاجتماع يحاط بتوجيهات القيادات وتطلعات الشعوب بأن يسهم في تحسين أوضاع العراق وأحوال شعبه وبما يشعر العراقيين أنفسهم أن إخوانهم في دول الجوار معهم في محنتهم، يتألمون كما يتألمون ويتطلعون إلى ما يتطلعون إليه من أمل واستقرار وازدهار للعراق وأبنائه. واستدرك أن ذلك ليس موقفا للدعاية وإعلانا لحسن النوايا، إنما هو واجب ديني ووطني وأخلاقي وإنساني يستوجب منا مساعدة العراق وشعبه دون أن تكون هذه المساعدة ذريعة للتدخل في شؤونه، إذ يجب ترك تقرير العراق لأبنائه بكامل حريتهم واختيارهم؛ لأن من يجيز التدخل في شؤون العراق يعطي الذريعة للآخرين للتدخل في شؤونه. وذكر النائب الثاني بأننا كعالم إسلامي وعربي بالذات، أصبنا بمحنة ما يسمونهم بالإرهابيين. وهم في الحقيقة، فإن التسمية الشرعية لهم هم الخوارج الذين يماثلون من خرجوا على الخليفة الرابع علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) حتى حاربهم و قاتلهم. وأبلغنا عنه رسول الله (عليه الصلاة والسلام) قال: «سيأتي زمان ترون أقواما ألسنتهم كألسنتكم يقولون ما تقولون، ولكنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية). وأقر: «أننا نقف مع العراق ضد هؤلاء القتلة والمفسدين المسيئين للإسلام إساءة كبيرة أمام العالم مما يجعلنا نقول: إنهم خارجون عن الإسلام وخادمون لأعداء الإسلام وأعداء أمتنا العربية والإسلامية. وللأسف أنهم من بني جلدتنا ولكن غرر بهم، ولذلك يجب علينا أن نفكر ونوجد جهدا لما يسمى الأمن الفكري حتى نغسل هذه الأفكار من أذهان هؤلاء. ثم أن هناك أمرا يجب أن نتفق عليه اتفاقا كاملا، وهو أن لا يجد هؤلاء في أي دولة من دولنا مكانا للبقاء أو المرور، ويجب أن تطبق الأنظمة في كل دولة ضد من يقوم بالإساءة لأي منها، أيا كان ومن أي جنسية كان، ولكن في النهاية يجب أن يسلم إلى بلاده، ويجب أن يكون هذا أمرا نتفق عليه ونطبقه عمليا؛ لأن هؤلاء يتحركون ويمكن أن يصلوا للعراق عبر إحدى دولنا، فيجب أن نواجه الواقع، وأن نتعاون بما فيه كف الأذى عن العراق وكف الأذى عن أوطاننا؛ لأننا في المملكة العربية السعودية واجهنا الكثير والكثير جدا من هذا الاستهداف، وما زال ذلك موجودا. وقد يكون من الغريب والمنافي للوضع، كيف يحاربون دولة دستورها القرآن والسنة النبوية ودولة الإسلام والدولة الحامية للبيت الحرام ومسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولكن الشيطان أغواهم وتغلب عليهم بهذا التوجه السيئ. وللأسف أن أصبح هناك، ليس فقط هؤلاء الجهلة، ولكن هناك من يحمل مؤهلات عالية علمية وانساق في هذا الطريق موجها أو مساعدا أو ممولا. ووجه الأمير نايف المؤتمرين إلى أن من الأهمية بمكان تفعيل التعاون، ليكون ملموسا في العراق بالذات، وأن نحمي العراق بجدية وصدق من أن لا تصبح أراضينا ممرا ولا مقرا لمن يعمل ضد العراق، إذ أن ذلك يعود بالنفع لكل بلداننا. وأضاف: «كوننا وزراء داخلية، نعلم كل التفاصيل، ولابد أن هناك اتصالات بيننا ونعلمها، فيجب أن نجد في هذا الأمر ما يبعد عن منطقتنا هذه الشرور، لأنه وللأسف ليس هناك منطقة مشتعلة أكثر مما نحن فيه الآن في بلدان وزراء داخلتيها مجتمعون في هذا المكان، وغيرهم من وزراء دول شقيقة. على كل حال، أنا على ثقة باجتماعكم هذا وبرئاسة اللواء حبيب العدلي، ووجودنا في جمهورية مصر العربية فرصة بأن نخرج باجتماعنا هذا بنتائج إيجابية وعملية نطبقها على أرض الواقع، ويلمس العراق جهودنا في هذا الأمر ويلمس كل منا في بلاده تحقيق هذا التضامن». واختتم الأمير نايف حديثه متمنيا للمؤتمرين بجمعهم واجتماعهم وافر النصيب من النجاح والتوفيق، وأن يكون في قراراتهم وتوصياتهم مايسهم في تحقيق صالح العراق وأمنه واستقراره؛ لأن عدم استقرار هذا البلد الشقيق لا يقتصر خطره عليه وحده. وإن كان ذلك يهم كثيرا في حد ذاته، لأنه سوف ينال دول الجوار والعالم أجمع.