بكلمات أغنية «يا هنا عمري» يطل من جديد على الساحة الفنية الشاعر الأمير خالد بن سعود الكبير الذي كتب العديد من القصائد الوطنية والعاطفية التي سبق أن تفاعل معها متذوقو ومحبو الشعر هنا وفي المنطقة، والذي كتب واحدا من أجمل الأوبريتات (عرين الأسد) في مهرجان الجنادرية قبل عدة أعوام، وغنى له كبار الفنانين في المملكة والخليج والعالم العربي. الأغنية التي قدمها بصوت محمد عمر قام بتلحينها الفنان طاهر حسين الذي يعد من أهم الملحنين المتواجدين اليوم على الساحة المحلية. كلمات الأغنية يبدأها الشاعر خالد بن سعود بتكريس صورة الانقطاع الكامل للمحبوب في ذات السياق الذي توحي به جملته الدلالية الأولى ممثلة في عنوان القصيدة: (يا هنا عمري)، ليكون مطلعها كالتالي: «ما لعيني يا نظر عيني غرض * في جميع الغيد ما دامت تراك»، وهو ما يجعل من مطلع النص تكريسا لفكرة طرقها الشعراء العرب كثيرا إلا أنها امتازت بالمجانسة اللفظية عند حديثه عن العين التي لا هدف لها إلا رؤية المحبوب، وإمعانا في المجانسة يجعل الشاعر من هذا المحبوب نظر «العين»، فنظر العين / المحبوب هو ذاته السبب الأهم في وجود وظيفة العين ممثلة في «النظر»، لكنه نظر لا يتوجه إلى الناس والأشياء من حوله بل يجعلها مقتصرة على المحبوب. كما أن الشاعر لا يغفل أثر وجود المحيطين به وبمحبوبه حين يشير إليهم في البيت التالي قائلا: «لا يهمك من تعرض واعترض * الهوى ما له طراة إلا معاك»، جاعلا منهم أداة (تعرض) للدلالة على الممانعة غير الظاهرة، مضيفا إليها الممانعة الفاعلة التي تظهر من خلال (الاعتراض) المباشر. وهي عملية جناس لفظي يعتمدها الشاعر في كامل نصه ليجعل منه نصا غنائيا بامتياز، ففي آخر أبياته يقول الشاعر: «ما لحبك يا هوى بالي عوض * لو فقدتك من يبادلني هواك»، مكرراً الكلمات بعد أن يخرجها في كل مرة عن معناها المتداول إلى معان جديدة. مختتما نصه بالعودة لعنوان النص: «يا هنا عمري وش الدنيا بلاك». الأغنية هي عودة مميزة للفنان محمد عمر الذي أمتع متابعيه سابقا بأغان مميزة كان من أجملها أعماله المشتركة مع الملحن محمد المغيص حين كانا يشكلان معا ضلعي مثلث مع الشاعر فهد بن محمد. كما أن وجود الملحن طاهر حسين هي عودة جديدة بين طاهر ومحمد عمر بعد سنوات طويلة لم يلتقيا فيه بأي عمل جديد، كما يمكن اعتبارها حالة تشكل ثلاثيا جديدا ومبدعا يجمعهما بالشاعر خالد بن سعود.