مي بنت ماجد التواتي القرشي هي حفيدة الإعلامي ومحرر الأخبار المعروف الراحل شقيقي الأكبر صالح يرحمه الله ومي هي واحدة من فتاتين ظهرتا في الفيلم التعريفي في جامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية ممثلة لزميلاتها وزملائها من السعوديين في الدفعة الأولى من طلاب الجامعة. ومي كعينة نموذجية من طالبات وطلاب جامعة الملك عبد الله لم تتمكن من احتلال مقعد في هذه الجامعة العالمية لأن أباها فلان أو لأنه يعمل في أرامكو بل هو يعمل في الإعلام، ولا لأن مدير الجامعة على علاقة بأهلها أو تجمعه بهم مصالح من أي نوع، ولكنها دخلت في منافسة مع كافة الطامحين إلى احتلال مقعد من المقاعد المحدودة جدا في هذه الجامعة، وتمكنت هي وحدها بكفاءتها العلمية وقدراتها العقلية والنفسية من الحصول على هذا المقعد الغالي. ومي الآن مثل باقي زميلاتها وزملائها في الجامعة (مشاريع علماء صغيرة) نرجو لها التوفيق من رب العالمين لتكبر وتتأصل علميا وتحقق الإضافة التي ينشدها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أيده الله وننشدها جميعا من وراء إنشاء هذه الجامعة. ومي كعينة مميزة من مخرجات التعليم السعودي من المرحلة الابتدائية حتى الجامعية هي نتاج لقسم الكيمياء الحيوية في كلية العلوم في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، كما أنها لم تدرس أية مرحلة من مراحل التعليم العام خارج المملكة، ولم تحصل حتى على دورة من أي نوع خارج البلاد. ورغم ذلك تمكنت من اجتياز الاختبار العالمي القياسي للغة الإنجليزية (التوفل) وكافة الاختبارات التمهيدية للقبول في الجامعة بقوة وتميز. وهذا شاهد على أن التعليم العالي والعام في المملكة ليس مترديا بالشكل الذي يتم تصويره، ولكن الفرق لا يصنعه النظام التعليمي وحده سواء في بلادنا أو في أي مكان آخر في العالم ما لم يقم البيت بدوره ويدعم بناته وأبناءه تعليميا ونفسيا وعاطفيا ويوفر لهم البيئة الصديقة الحاضنة حتى يصبح البيت مركز إشعاع علمي في حد ذاته. وبالنسبة لمي النموذج فإن والدتها أستاذة فاضلة من حملة الدكتوراه ولها خبرة طويلة في مختلف مراحل التعليم من الابتدائي إلى الجامعي، كما أن خالتها دكتورة استشارية، وأخوها سيصبح طبيبا في القريب العاجل إن شاء الله وابن عمها كذلك وابنة عمها الآخر دكتورة وعمها دكتور وعمتها أستاذة دكتورة. أما حملة الماجستير والبكالوريوس في عائلتها فحدث ولا حرج، والمبتعثون والمبتعثات من عائلتها ضمن (برنامج خادم الحرمين الشريفين للدراسات العليا) لعدة دول مختلفة من دول العالم فعددهم كبير بالنسبة لعائلة واحدة. تلك هي العائلة التي أنجبت مي ولا أذكرها للتفاخر والتباهي كما يفعل كثيرون من المفاخرين، ولكن لأوضح أن مي وزميلاتها وزملاءها لم ينبتوا في صحراء قاحلة لا ماء ولا شجر فيها ولكنهم نبتوا في واحات زاخرة بالعلوم والمعارف وحب التعلم والتعليم يجري منذ الطفولة مجرى الدم في عروقهم. صحيح أن مي وزملاءها وزميلاتها من السعوديين لا يمثلون سوى 25 في المائة من إجمالي الطلاب والطالبات البالغ تعدادهم 400 طالب وطالبة، وصحيح أن مي وزميلاتها من السعوديات لا يتعدى تعدادهن 14 طالبة في هذه الجامعة المميزة، ولكن هذه الأرقام تعكس مدى ضعف (الحافة التنافسية) على المستوى العالمي التي يقف عليها نظامنا التعليمي حاليا سواء للبنات أو للبنين، ويجب أن تشكل هذه النسب الصغيرة بالنسبة لجامعاتنا الأخرى تحديا وحاجزا يجب كسره وتجاوزه في السنوات القادمة حتى نتمكن من عكس النسبة الحالية وتحويل أغلبيتها للسعوديين. لأن قبول أي طالب أو طالبة في هذه الجامعة هو إنجاز للجامعة الأخرى التي جهزته وأهلته أساسا لمثل هذا القبول، ونحن نفرح بكل من يضيف لبلادنا أو لحضارة العالم أية إضافة مهما كانت ضئيلة في البداية لأن الأنهار تتكون من قطرات متراكمة. ولعلنا من خلال هذه الجامعة نفرح بعشرات المبدعين والمبدعات الذين سطروا أسماءهم بأحرف من نور في سماء الحضارة الإنسانية ابتداء من (غادة المطيري) و (حياة سندي) و(ثريا عبيد) إضافة إلى (سامية مؤمنة) شهيدة العلم التي لربما كانت فرصتها في الحياة والإبداع أكبر لو قدر لها أن تتعلم وتدرس في بيئة علمية محلية كالبيئة التي توفرها اليوم جامعة الملك عبد الله ولكن قدر الله وما شاء فعل. فقدت سامية حياتها على أيد غربية لئيمة لأن إبداعها كان فوق أرض غريبة غير أرض وطنها، ولأن وطنيتها أبت أن تستجيب للإغراءات المادية التي قدمت لها للاستئثار بإنجازها واحتكاره لصالح البلاد التي كانت تدرس فيها. وفي الختام أود تذكير ابنتي مي وزميلاتها وزملائها أنني لم أذكرهم هنا للتفاخر والتباهي المذموم فما عرف هذا أبدا عني ولا عن أهلي، وأحذرهم من الغرور واعتبار القبول في الجامعة إنجازا في حد ذاته، لأن الغرور مقبرة المعرفة، والقبول في جامعة بحجم جامعة الملك عبد الله في حد ذاته لا يعني شيئا لمن لا يبذل الجهد مضاعفا ليحقق الطموحات المرجوة من قبوله وتوفير أفضل ما يمكن أن تقدمه الإنسانية من كفاءات وتقنيات متقدمة لبنائه والاستثمار فيه.. ولتعلمي بنيتي مي وليعلم زملاؤك أنه حتى التخرج من هذه الجامعة لا يعني لنا أكثر من رخصة وتأهيل للبحث والإنجاز في مجالات التخصص، وأن الشهادة الجامعية التي لا تنعكس إنتاجا وتميزا لا تستحق قيمة تزيد على قيمة الورقة التي طبعت عليها، وقد مل مجتمعنا من تلك الشهادات بل بلغنا حد الشعور بالقرف والغثيان من حملة تلك الشهادات، ونأمل أن نراكم ممن رضي الله عنهم وأضاء عقولهم وكافة جوانحهم بنور العلم والإيمان، وأن نرى فيكم مجموعة طليعية قائدة على مستوى العالم أجمع والحضارة الإنسانية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة