طرحت قضية ارتفاع الأسعار في قطاع العقارات مجموعة من التساؤلات حول أسبابها والطرق الكفيلة بحلها للحفاظ على متانة هذا القطاع، في ظل الأزمة العالمية التي ضربت مجموعة كبيرة من البلدان الكبيرة والصغيرة. وبالتزامن مع ذلك بدأت تظهر اقتراحات وأفكار تصب حسب مطلقيها في خانة الحفاظ على القطاع العقاري السعودي، ومنها مطالبات بتحديد الزيادة السنوية للعقار للحد من الارتفاعات في السوق. إلا أن عضو مجلس الشورى المهندس عبد المحسن الزكري عارض هذه المطالبات مبررا ذلك بعدم نجاحها، لأن سوق المملكة حرة وتتحكم فيها قوى العرض والطلب، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذا النظام طبق في المملكة في سنوات الطفرة الأولى في السبعينيات وألغي، كما طبق في الإمارات ومصر ولم ينجح أيضا. وقال ل «عكاظ» إن عملية التحديد هذه ستربك السوق العقارية المحلية وبالتالي من الصعب متابعتها ومراقبتها، خصوصا أنك لا تستطيع أن تراقب المئات من الناس عندما يؤجرون مساكنهم وعقاراتهم. وطالب بأن تترك السوق في المملكة للعرض والطلب، وقال إن هذا النظام لم ينجح في الدول الأخرى سواء في قطاع العقار أو القطاعات الأخرى. وأشار إلى أن هذه المطالبات ليست حلا، معتبرا أن الحل هو في أن يكون هناك عدد كاف من الوحدات السكنية، من خلال تعاون الدولة مع القطاع الخاص لعمل برامج للإسكان، وأن تتحمل الدولة جزءا من تكلفة التمويل، أوالتمويل كله. وأضاف أن هناك عددا من الخيارات متروك للدولة، منها أن تبني المساكن للمواطنين وتقسط عليهم بطرق ميسرة، أو أن تسمح للجهات الأخرى أن تبني وتتحمل هي تكلفة التمويل. وفي السياق ذاته أفاد الزكري أنه لا بد أن يكون هناك تعاون بين القطاع الخاص ممثلا في البنوك وشركات التطوير لنكمل مايسمى بحلقة التمويل. وقال إننا ننتظر إقرار منظومة الرهن العقاري بعدما رفعت إلى المقام السامي، للعمل بها. وأضاف أننا نواجه مشكلة عدم وجود أطر للتمويل العقاري، وأكبر دليل على ذلك أنه لا يوجد مكان يذهب إليه المواطن كي يشتري منزلا أو يعطيه تمويلا معينا إلا إذا كان راتبه يغطي مديونيته، وهذه مشكلة بحد ذاتها. وبحسب آخر الإحصائيات، فإن المملكة تحتاج إلى نحو 600 ألف وحدة سكنية بشكل عاجل كي تعيد التوازن إلى السوق العقارية، فالعدد المطلوب يمكن أن يتقلص مستقبلا إذا ما استمرت أسعار مواد البناء في الانخفاض، فضلا عن إقرار منظومة الرهن العقاري الذي سيعمل بدوره على تحريك النشاط العقاري من جديد وإحداث نمو في الصناعة العقارية في السعودية، ويشجع على دخول شركات جديدة إلى سباق إطلاق المشاريع العقارية ما يعد حافزا جديدا لنمو سوق العقارات. ومن جانب آخر قالت مصادر عقارية إن الحاجة الإسكانية في السعودية لن تتوقف أو تنخفض، بل ستزداد بنسب أكبر مع السنوات المقبلة، لأن غالبية سكان المملكة من الفئات الشابة، ما يعني ارتفاع معدل تكون الأسر الجديدة وبالتالي زيادة حجم الطلب على الإسكان. ووفقا لمعلومات إحصائية، فإن متطلبات تمويل الإسكان تقدر بنحو 117 مليار ريال حتى العام 2020، الأمر الذي يستلزم زيادة الاستثمارات وإعطاء هذا القطاع أهمية كبرى، خصوصا أن النمو السكاني يحتاج إلى توفير 110 ملايين متر مربع من الأراضي السكنية، حيث يقدر ذلك بنحو عشرة مليارات ريال سنويا، وأن هذه الاحتياجات ستدفع إلى توسيع قاعدة الاستثمارات العقارية لمواكبة عدد السكان المتزايد سنويا بمعدل 4.2 في المائة، حيث يتوقع أن يصل عدد سكان المملكة إلى أكثر من 30 مليون نسمة بحلول العام 2020.