اليوم، سيكون وطني على بعد خطوات من افتتاح جامعة الملك عبد الله في «ثول»، حيث لا فشل يأتي مع إرادة التغيير، واستثمار الفكرة، وتطوير أدوات التعليم. واليوم أيضا: سنكون على بعد عشرة أيام من فتح أبواب جامعاتنا «الأخرى» في البلاد. وأقول أخرى، لأن لها عالمها المستقل، وأفكارها الإدارية التي تتطور في كل شيء، عدا في تطوير نفسها. نحن هناك في ثول: الصورة التي يفترض أن نكون على شاكلتها منذ زمن طويل، ونحن هنا في كل الجامعات الأخرى، ما توسط منها وما تقدم، الصورة طبق الأصل لإهدار الأموال، وتجاهل القدرات، وتجميد الأفكار. اليوم ستكون الفرصة أكبر لمراجعة حسابات جامعتنا «الأخرى»: هل ستسير على ذات النهج القديم المؤطر بأفكار إدارية عقيمة، ومناهج تآكلت ولم تثمر إلا النزر القليل من الفائدة؟ أم ستذهب إلى ثول لتستقي تجربة أخرى، وتترك حجج عجز الميزانيات، وندرة الكوادر، و«عدم ترحيب الوزارة بفكرة التغيير»؟ في جامعتي، تنثر قرابة الملياري ريال، لبناء كليات جديدة، وهدم جبال وتسويتها بالأرض حتى تقوم مكانها مباني الجامعة بأرقى طراز. تختار لها أحدث الأجهزة، وتنثر في مساحاتها الواسعة غابات من العشب الأخضر، ثم مع كل هذا الصرف الهائل من مال بنودها وصناديقها المغلقة: تتوقف رحلة التطوير قبل أن تصل إلى أرفف مناهجها القديمة. المناهج هنا كتبت منذ عقود. لا شيء يوحي لطالب اليوم وهو ينزوي إلى أوراقها، أن شيئا مما تحمله سيضمن له أن يفكر، وأن يتعلم ك «ابن القرن الواحد والعشرين» الذي يعيش على مرمى لوحة إليكترون عنّا. نحن بمناهجنا نقف تماما تحت الصفر الذي اكتشفناه يوما ما، وننافس في تخريج جحافل العاطلين، العوالم النامية هناك. هذا جزء من مرارة الواقع في جامعتنا، والأشد مرارة يكمن في رفض إداراتها لفكرة القيام بتطوير جذري لتلك المناهج التي يشربها طلابها كل يوم، فلا تزهر عقولهم، ولا تختزنها خلايا أدمغتهم. نحن في ثول سخرنا المال في خدمة إرادة التغيير، والمنافسة على تخريج عقول تخدم وطني، أما هنا في جامعاتنا «الأخرى» فما زلنا نتعارك حول آلية صرف مستحقات مسرحيات آخر العام الدراسي، وإعادة طلاء مباني كليات الشريعة والعلوم والآداب، وتوسعة مواقف السيارات الخارجية! يسألني صاحبي ونحن نقرأ خبر افتتاح جامعة الملك عبد الله في ثول: هل تتوقع أن نرى تغّيرا مثيرا في جامعتنا بعد قرابة الأسبوع؟ لم أطل التمعن في سؤاله وقلت له: اتجه بنظرك إلى كراسي الإداريين فقط وانظر: تقاعد هذا، وانتقل هذا، وارتفع ذاك، أما الجامعة فهي هي كما هي. والشكوى لله. [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة