يخلص الباحثون في علم الكيانات السياسية عبر رصد وتحليل سير وتجارب وحدوية في المجتمعات، إلى أن التفريط في المبادئ التي قامت عليها الوحدة والنكوص عن تنمية الإنسان أبرز المحفزات لتلاشي البناء وانهيار الكيانات. ويزيد على ذلك رموز في العمل الوحدوي الوطني كالزعيم الهندي المهاتما غاندي الذي ذكر كثيرا بأن «المساس بالثوابت الوطنية والإضرار بالأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي خطوط حمراء ليس من حق أي كان الاقتراب منها أو محاولة تجاوزها وتحت أي مبرر أو حجة»، معتبرا أن «أي تطاول على الوحدة إنما هو عدوان على التاريخ الوطني، بل جريمة تطال حاضر الوطن ومستقبله». ووسط النماذج الوحدوية الكثيرة في العصر الحديث على اختلاف الأيديولوجيات السياسية والعقدية والظروف الاقتصادية والمجتمعية إبان نشوء الوحدة، تبرز الحالة السعودية بوضوح وتفرد في المبادئ والمنهج وأسلوب العمل، وفي صيانة هذه الوحدة بتكريس مفهوم الوطن الجمعي وحماية البنيان الوحدوي القائم من الخلل، والحفاظ على تراكم المنجز، وتكريس الأمن ودفع الشرور المستطيرة، وتعميق الشعور الوطني وصدق الانتماء. هكذا أرادها وأراد لها الملك المؤسس عبد العزيز طيب الله ثراه ثم سددها أمانة في أعناق أبنائه الملوك من بعده. واليوم يتوج خادم الحرمين الشريفين المنجز الوحدوي ورحلة البناء بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، المشروع الذي نال التثمين العالمي يوم كان فكرة، واليوم يلتف حوله نخبة من زعماء العالم شهودا على ملحمة عصرية في محاصرة الصحراء وبناء العقول، حلما، فقولا ثم فعلا على الأرض. ملك رأس المال المعرفي. يحييك العالم ثم التاريخ الذي كتبت أنصع صفحاته بأفعالك.