اليوم ندلف لمناسبتين كبيرتين تدعوان للفخر. فاليوم نحتفل بالعيد الوطني، واحتفاليتنا به ترسيخ مفهوم أن جميع المواطنين هم شركاء في هذا الوطن، والشريك دائما حريص على إنجاح شراكته. وقد ظللنا لزمن طويل نتعامل مع الوطن كقيمة فائضة لا تعنينا، وتعبر بنا الذكرى من خلال التلفاز بسرد وقائع تاريخية تنتهي في الهواء ولا تثقب الصدور لتستقر في الأنفس. ومنذ سنوات عدة، اتخذت ذكرى اليوم الوطني بعد المشاركة، وأن سلامة الوطن ونماءه هو سلامتنا ورخاؤنا. ولم تعد المناسبة طريقا لتدبيج القصائد وخروج (من يكتب ومن لا يكتب) لتزين الصحف بكلمات ميتة تنتهي (أيضا) مع رجيع الصحف التي كتبت بها تلك المقالات. علينا جميعا أن نعي بأن مناسبة كهذه هي مراجعة حقيقية لما هو واقع والبحث عن الوسائل الممكنة (وتذليل غير الممكن) لأن يواصل الوطن صعوده في سلم الحضارة والازدهار. وكما نضع عيوننا على المستقبل، لا بد من التفتيش عن كل الآفات القاطنة في زوايا واقعنا والتخلص منها، وهذا يحدث عندما يستشعر كل فرد أن هذا الوطن ملك للجميع وليس مقصورا على فئة دون الأخرى. ومن الفأل الحسن أن تأتي مناسبة ذكرى اليوم الوطني في أيام الأعياد لتلتحم الأفراح وينضج مفهوم الوطن الواحد، وفي أية جهة من هذه المعمورة يكون الوطن هو الوعاء الذي يحتفظ بكل سوائله في امتزاج كيميائي يحقق التجانس والانصهار. ويبدو أن شوقنا لأن يكون هذا اليوم مناسبة عالمية، تقرر افتتاح جامعة الملك عبد الله التي هُيئت لها الظروف لأن تكون إحدى المنارات العلمية الكبرى لنخطو من خلالها إلى التميز وجذب التعليم العام والعالي لخلع الأردية البالية وارتداء العقل المتجدد الباحث عما يجعلها عقلا منتجا وليس عقلا اجتراريا. إذن، الفرح باليوم الوطني لن يكون محصورا بين قواعد الشعر أو فنون الخطابة، لقد شب وعينا، وتنبه الجميع إللى أن حب الوطن يكون بحماية مكتسباته والبحث له عن مكتسبات جديدة مع اليقين التام بأن كل ما عليه وما فوقه وما تحت ثراه هو قاسم مشترك بيننا جميعا، وأن أبناءه مهما اختلفوا في أفكارهم فهم ينتجونها من أجل بنائه لا هدمه، وأن جميع أفراده -رجالا ونساء، أطفالا وشيوخا- يتقاسمونه بالتساوى، يتقاسمونه: حبا، علوا، هموما، أحلاما، حقوقا، وواجبات. هذا هو الوطن: تراب وأحلام وأعمال ومستقبل. كلنا -شيبا وشبابا- مشينا مترنمين مع عبد الله الصيخان في هواجس طقس الوطن: «قم بنا أيها الوطن المتعالى بهامات أجدادنا أيها المستبد بنا لهفة وهوى أيها المتحفز فى دمنا والمتوزع فى كل ذراتنا اعطنا بصرا كى نراك، وأوردة كى تمر بنا، فيه نلقى مساء جميلا، قرنفلة فى عرى ثوبك الأبيض المتسربل ضوءا». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة