عرفته منذ ثلاثة وثلاثين عاما.. أثناء بداية عملي برعاية الشباب بحائل. كان من أوائل من يتجاوب مع دعوة مكتب رعاية الشباب بالمشاركة في جميع نشاطاته الرياضية والاجتماعية والثقافية.. فهو خريج كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض قبل سنوات.. بعد عودته لحائل عين مدرسا بالمعهد العلمي بعد رفضه تولي القضاء. دخل دورة تدريبية لحكام كرة القدم ونجح.. عرفته عام 1398ه حكما نستعين به مع غيره من حكام المنطقة في إدارة مبارياتها. هو يمتاز عن غيره بسرعة التجاوب والمشاركة الجماعية في تلك الأنشطة الاجتماعية.. سواء في حدود المدينة أو القرى الأخرى في المنطقة مثل: الحائط، وجبة، وبقعاء. بالرغم من بعد تلك القرى عن المركز.. أصبح محبوبا من الجميع لبساطته وتواضعه وحبه اللا متناهي.. كنت قبل أيام أزور حائل بدعوة كريمة من النادي الأدبي للمشاركة في موسمه الثقافي.. وبعد نهاية المحاضرة انتقلت مع أعضاء وبعض رواد النادي إلى إحدى الاستراحات لتناول طعام السحور إذ كنا في شهر رمضان فتذكرت الشيخ زيد. فقلت لمضيفي الصديق محمد بن عبد الكريم السيف.. سوف أعود صباح الغد للرياض وفي نفسي شيء لم يتحقق.. وهو عدم رؤيتي لأبي خليف.. فما كان منه إلا أن سأل أحد أصدقائه عن رقم هاتفه المحمول.. فاتصل به فعرف أنه في طريقه إلى منزله.. فطلب منه الحضور لأمر مهم.. وفعلا وبعد دقائق وإذا هو يدخل علينا.. فبالرغم من مضي أكثر من ثلاثين عاما على فراقنا أجده لم يتغير.. ابتسامته الدائمة وروحه المرحة وخفة دمه وسرعة بديهته.. بعد السلام والسؤال عن صحته وأولاده.. سألته ألا زلت رياضيا وتواصل التحكيم؟. فقال إنني قد أصبح مراقبا دوليا على الحكام.. إضافة لعملي الرسمي.. ذكرته ببعض المواقف الطريفة التي تعرضنا لها في أثناء زمالتنا وكيف كان يوفق بين عمله كأستاذ بمعهد علمي تابع لجامعة الإمام.. ومع ذلك كان لا يتردد في مشاركة الشباب نشاطاتهم المختلفة بالرغم من أن البعض من المتشددين يعتبرها من خوارم الدين والمروءة.. ذكرته بما كان أثناء إقامة معسكر للخدمة الاجتماعية ببلدة الحائط عام 1399ه ودعوتنا للأستاذ عبد العزيز الربيع مدير تعليم ورئيس نادي المدينةالمنورة الأدبي برفقة مجموعة من رجال التعليم.. وحضور الشيخ ناصر بن عبد الله آل الشيخ القائم بأعمال إمارة حائل وقتها رحمهم الله وجمع غفير من مسؤولي الدوائر الحكومية بالمنطقة.. وكنا قد سبقناهم إلى هناك لتنظيم المعسكر بمشاركة القائد الكشفي بالأحساء الأستاذ مؤيد عبد الرزاق أيوب والذي جاء متطوعا للمشاركة.. وكانت البلدة تفتقر إلى الخدمات الضرورية وأولها ما تقوم به البلديات أو المجمعات القروية.. وكنا نحاول أن نقوم مع أفراد المعسكر الذين يتكونون من حوالي 50 شابا بعضهم من مناطق حائل والبقية من أبناء البلدة.. وقد قسمنا الشباب إلى أسر.. كل أسرة يقودها أحد الأساتذة وكان للأستاذ الشيخ زيد أن رأس إحداها وقد حدد مكان عملهم في المربع الأول وهو مدخل الحائط من ناحية مدينة حائل والذي كان بالمصادفة يقع به مقر إمارة البلدة الجديد تحت الإنشاء وقد ارتدى أفراد المعسكر مع قائدهم ملابس العمل بدلة كاكي وكان عملهم يتمثل في جمع القمامة وإخراجها تمهيدا لحرقها وتثبيت بعض اللوحات في مداخل الشوارع الفرعية تحث على النظافة، وتوزيع أوعية جمع القمامة وغيرها من وسائل التوعية.. كان الشباب منهمكين بكل جد بعملهم فتوقف بالقرب منهم أحد سائقي الشاحنات يحمل أثاثا لمقر الإمارة الجديد.. واتجه لقائد الفريق ليسأل عن مقر الإمارة وإذا هو وجها لوجه أمام ابن عمه فاستغرب أن يكون الشيخ زيد بهذا الوضع فما كان منه إلا أن قال: أفا! ما بقي ألا هي!! ما لقيت ألا هالشغل يا شيخ؟ المهم عاد لمقر المعسكر مع الغروب وهو في منتهى الخجل.. وقد خاف أن يخبر أقاربه فيكون مكان انتقاد واستهزاء. ومع ذلك لم يمنعه من مواصلة عمله لمرات أخرى مماثلة في جبة وبقعاء وغيرها. عدت إلى الرياض.. وانقطعت عن المنطقة.. وعدت لها بعد ثلاثة عقود.. وإذا هي قد تطورت وتضاعف حجمها. والشيخ زيد بعفويته وحيويته المعتادة.. تطرق في حديثه الممتع لكون أغلب من كان معنا من الشباب الذين لم يعاصروه في أثناء ما كنا نتذكر الماضي.. فطلبت منه أن يحكي لهم كيف رفض قبول ترشيحه للقضاء بعد تخرجه من كلية الشريعة قبل أكثر من 35 عاما. قال: بحثت عن واسطة فلم أجد.. وحاولت الاعتذار بكل السبل.. فرفض عذري فما كان مني إلا أن ذهبت للمقابلة الشخصية للترشيح وقد حلقت ذقني ووضعت بكت دخان في جيبي الأعلى وحملت مجلة النهضة الكويتية وكان على غلافها صورة فتاة فاتنة.. وما أن رآني.. أعضاء اللجنة إلا وحولوني مدرسا للمعهد العلمي بحائل.. قلت له سأكتب هذا! قال أنت بحل وألف حل. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة