الحمد لله على كل حال. لا أدري هل سبق لأحد منكم أن اشترى فرحة العيد بمبلغ وقدره؟ إن لم يجرب أحدكم هذه التجارة، فليتبعني بعيداً إلى هناك، إلى حيث المحافظات والمراكز والقرى التي يعيش في كل واحدة منها آلاف الناس. نحن هنا بعيدون عن صخب المدينة ولذة حياتها، نعيش بعيداً أيضاً عن كل مظاهر الفرح المدفوع مسبقاً، ذلك الذي تتكفل بدفعه مؤسسات حكومية وما تفرع منها وتلك التي ترفع راية القطاع الخاص، ولكن حيث تكبر المدن وترتفع. نحن هنا، في أي مكان بعيد عن المدينة، لا ننسى أن ندخر من حر مالنا مبلغا ندفعه ل «جماعة القرية» ليقدموا لنا احتفالا مبسطا، نغصب أنفسنا على مشاهدته والفرح به، وإن تحول إلى مطولات لشكر هذا وذاك، أو إلى محاضرة للتذكير بعذاب القبر وتكفير الكافرين. نحن هنا، نتفرغ في العشر الأخيرة من رمضان للتصدي لهجمات التبديع والتفسيق التي ترى في فعل الفرحة بالعيد المقبل «فسقاً يجب الوقوف ضده ومحاربته». نحن هنا وفي كل عام، نقبل رأس رجل الأعمال ليتكرم ويتنازل بدفع جزء من «القطة» ويشاركنا ثقل الاحتفال بالفرحة، ونترجي ذاك ليخصم سعر ما نشتريه للقرية لتفرح. نحن هنا، نظل ننتظر الموافقة على إقامة احتفالات العيد، شهراً كاملا، ونركض أياماً وأياماً لنوقع الموافقة من كل مكتب وكرسي. نحن هنا، نتعمد أن نغلق قنوات التلفاز المحلية، حتى لا نصاب بالغبن والحسرة، ونحن نقارن أنفسنا بأولئك الذين يتنفس أطفالهم وشبابهم ونساؤهم العيد حتى الدماغ، ونشاهد سعادتهم ترقص نشوى وهم هناك، فيما نحن نحسب الريال فوق الريال لنسدد قيمة إنارة موقع لا تتجاوز مساحته بضعة أمتار. فأي فرح هذا الذي نبدأه بالجدال وننهيه بمطاردة المتهربين من سداد قيمة «القطة». هنا أبحث عن جواب: ما هي تلك العين التي أصابتنا حتى حولت فرحة العيد إلى امتياز خاص، ومعاملة بأوراق وتواقيع، ومعركة تتجادل فيها التيارات: يجوز ولا يجوز! لن أسأل هنا عن المؤسسات الخاصة التي وجدت في قرانا فرصة لرفع قيمة أرباحها، ولن ألتفت إلى الجيوب التي نراها تمتلئ كل يوم وعلى حسابنا أيضاً، زادهم الله رزقاً. ولكني أسأل: أين قنوات التلفاز المحلية عنّا، لتنقل بجانب ما تعرضه من احتفالات المدينة: شيئاً من بؤس العيد هنا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة