عيدكم مبارك، جعله الله مليئا بالابتسام والفرح. حين يتحدث البعض عن العيد، يتحدث عنه وكأنه يحمل سوى معنى واحد يألفه الجميع ويتذوقه الجميع، معنى الفرح الحسي، ولأن من يدخل الفرح على النفوس من الحسيات لم يعد مرتبطا بالعيد وحده بعد أن بات متوفرا في كل الشهور، فإن البعض صار يرى العيد لاطعم مميزا له وأنه أضحى مملا ومكرورا لاجديد فيه، وهو شيء متوقع لمن تقترن عنده بهجة العيد بالماديات فمن المحتم أن لايكون هناك جديد، فالملابس الجميلة والأنيقة متاحة عبر شهور السنة، والأطعمة الشهية تكتظ بها الموائد ليل نهار وسبل الترفيه وأدوات التسلية متوفرة في كل حين، فأي جديد بعد هذا يمكن للعيد أن يأتي به؟! لكن العيد في الحقيقة ليس كذلك، العيد له معان متعددة وليس معنى واحدا مقترنا بالحسيات، ووقعه في نفوس الناس يختلف حسب اختلاف مشاعرهم وظروفهم. وإذا كان العيد في عيون الأطفال موسما للهو والهدايا والفسح واللعب، فإنه في عيون الفقراء يعني انتهاء موسم العطاء والخصب الذي كانوا ينعمون به خلال الشهر الكريم، وفي عيون بعض الصائمين يعني التحرر من قيود ثقيلة كانوا يطوقون أنفسهم بها خلال رمضان وفي عيون المحزونين موسم لتذكر الأحبة الغائبين والأسى لفقدهم، وفي عيون المنهكين بالعمل موسم للراحة والتقاط الأنفاس. العيد واحد ولكن معناه في النفوس يتفاوت من فرد لآخر، وصورته في الأذهان تتغير من حالة لأخرى. ولكن مع ذلك، لاتعدم أن تجد بين حين وآخر من يشكو من برودة العيد، وأنه فقد بهجته وغاب عنه ذاك المذاق المميز الذي كان يصحبه في السنين الماضية، فالبعض ينتظر من العيد أن يجلب له الفرح، وحين لايفعل، يبدأ في ذم العيد والشكوى منه ووصمه بالبرود وفقد المذاق. بيد أن العيد لاذنب له، فمن طبيعة العيد أن لايكون موسما للفرح إلا حين نعمل نحن على جعله كذلك، نحن الذين نصنع أسباب الفرح داخلنا، ومتى وجدنا عيدنا باهتا باردا فنحن الملومون وليس العيد. بهجة العيد لم تعد مقرونة بالحسيات، وما ينبغي لها، بهجة العيد لاتنبع من التزين بثياب جديدة أو تذوق أطعمة خاصة أو التمتع بجلسات ترفيه وطقوس احتفالية، بهجة العيد تنبع من ذواتنا، نستشعرها حين نرضى عن أنفسنا ونزهو بما حققته من إنجاز وتغلب على الكسل وإقبال على طاعة الله وابتعاد عن مغريات الهوى خلال شهر رمضان، لذلك فإن الإحساس بفرحة العيد يكون غالبا محصورا في أولئك الذين يشعرون أنهم أنجزوا شيئا غاليا وعزيزا خلال الشهر الفضيل، أما أولئك الذين لايشعرون بشيء من هذا فإنهم لايتذوقون للعيد طعما. متعكم الله بعيدكم، وجعله سعيدا هانئا.. وكل عام وأنتم بخير وعافية. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة