يبدو أن خروج الصحافي العراقي منتظر الزيدي من السجن يثير جدلا أكثر من دخوله له قبل نحو تسعة أشهر، عندما ألقى حذاءه في اتجاه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، أثناء مؤتمر صحافي للأخير في بغداد. فالزيدي خرج من السجن منتصرا حسبما يرى كثيرون، إذ وقف الرجل في مؤتمر صحافي عقده الأسبوع الماضي، وتحدث عن رحلة العذاب في الاحتجاز، وعبر عن مخاوف تعتريه على حياته، وقال: إنه قد يصفى جسديا، الأمر الذي أضاف إلى قصته المزيد من الدراما إلى المشهد. لكن ما زال الجدل حول أخلاقية ما فعله الزيدي محتدما، فالعديد من العراقيين قالوا: إن تصرفه تجاه الرئيس الأمريكي يعد خارجا عن اللياقة، ومخالفا لأعراف مهنة الصحافة وميثاق شرفها، في حين أن منتظر قال: إنه فعل ذلك بصفته عراقي. وفي استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي إن إن»، رأى 76 في المائة من العينة المستطلعة أن تصرف الزيدي كان مقبولا، وأنه غير ملزم بالاعتذار عن فعلته، في حين يعتقد 24 في المائة، أن عليه أن يعتذر عن قذف بوش بالحذاء. والاستطلاع الذي نفذ عبر الإنترنت، شمل 2333 مشاركا، أجابوا على سؤال، فيما إذا كانوا يعتقدون أن «على الصحافي العراقي منتظر الزيدي أن يعتذر عن قذف جورج بوش بالحذاء؟» وأجاب 1776 شخصا ممن شاركوا في الاستطلاع ب «لا» في حين أجاب 557 شخصا، ب «نعم» وهو أسلوب تصويت لا يعتمد الدقة العلمية في النتائج. ولا يبدو أن الجدل حول ذلك الصحافي سينتهي، إذ أنه فور خروجه من السجن طالب رئيس الوزراء نوري المالكي بالاعتذار عن الكذب عندما قال للناس: إنه اطمأن شخصيا على الزيدي، مؤكدا أنه تعرض للتعذيب بالكهرباء والقضبان والضرب. ويؤكد الزيدي أنه لم يكن يسعى للشهرة عندما ألقى حذاءه باتجاه بوش، ويقول: «لم أطلب دخول التاريخ أو الشهرة، بل أردت الدفاع عن بلدي وتاريخه» لكن الدفاع بالحذاء أورثه الشهرة والجدل لأشهر طويلة. وقد أصدرت المحكمة الجنائية العراقية في 11 مارس ( آذار)، حكما بالسجن ثلاث سنوات على الزيدي، المعروف بلقب «قاذف بوش بالحذاء»، والذي اعتقل في 14 ديسمبر (كانون الأول) لرميه فردتي حذائه في اتجاه الرئيس الأمريكي السابق خلال زيارته الوداعية للعراق في الثالث عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتقرير تخفيض مدة السجن إلى عام واحد. وفي المؤتمر الصحافي، الذي وقعت فيه الحادثة، مرت فردة حذاء الزيدي الأولى بمحاذاة رأس بوش، الذي تنحى عنها، فيما هرعت حشود وانقضت على الرجل، ثم نقلته إلى غرفة مجاورة، أما فردة الحذاء الثانية فأصابت العلم الأمريكي من الخلف.