عبر بعض الأبناء عن حيرتهم في إرضاء تطلعات آبائهم المسنين خلال شهر رمضان، وذكر بعضهم أن مطالب المسنين تكشف عن اختلاف الأجواء الرمضانية عنها في السابق حتى باتت لا تعجبهم ويريدون تغييرها بأمنيات قد لا يستطيعون تحقيقها مع المشاغل اليومية. وقال مسفر الهزاع الذي يسكن معه والده البالغ من العمر (85 عاما): إن والده ومنذ أن انتقل من القرية بعد وفاة زوجته وهو يعاني من تقلب مزاج، لأنه يفتقد أجواء القرية. ويضيف الهزاع «أسمع دعاء والدي في ليالي رجب الأخيرة أن ييسر الله صيامه في قريته ولكن الأمر ليس سهلا فالقرية لا يوجد بها سكن مهيأ لعائلتي ولا أستطيع أن أتركه وحيدا هناك، فهو بحاجة للمساعدة في شؤونه وأخاف عليه من اللصوص من العمالة الوافدة»، وعن السبب الذي يدفع والده للتمني أن يصوم في قريته يقول الهزاع «الحياة مع والدتي كانت مليئة بالحنين كل شيء من يدها يأتي طيبا أضف إلى ذلك أنها تصنع أطباق رمضان من إنتاج القرية سواء من القمح أو اللبن وحتى الخضراوات كانت تقطفها من مزرعتها، فللحياة في القرية نكهة خاصة لا يتذوقها إلا من عاش فيها، لكن الأمور الآن تغيرت فأهل القرية هجروها ولم يعد هناك أحد». وفي مكان آخر التقينا بصالحة العسيري (65 عاما) وهي مسنة تعيش مع ابنها في الرياض منذ عشرين عاما، ولم تكن صالحة تحن لقريتها في الجنوب الغربي من البلاد لكنها تحن للصلاة في الحرم المكي، تقول السيدة صالحة «إن عمرة في رمضان تعدل حجة والصلاة في الحرم طهارة للقلب وجلاء للحزن والغم ولا أستطيع أن أصف لك مشاعري حين أدخل لصحن الحرم حتى أني يغلبني البكاء»، قالتها وهي تغالب دموعها، وتضيف «كنت أذهب مع أصغر أبنائي كل عام للعمرة في رمضان قبل أن تخطفه الوظيفة والزواج فهو يأخذ إجازته في رجب ويطير إلى بلاد بعيدة وحين يعود يرفضون إعطاءه إجازة لرمضان»، وترفع صالحة العسيري يديها إلى السماء وتدعو أن يبلغها الله الصيام في مكة هذا العام لكن أبناءها لن يتمكنوا من اصطحابها إلى هناك فهم حسب قول ابنها البكر فاضل العسيري يخافون عليها من مرض انفلونزا الخنازير. وإن كانت أمنية صالحة ووالد مسفر لم تتحقق فإن عبد الله آل كداش أصر على تحقيق أمنية (والده 80 عاما) في أول أيام رمضان حين دعا له أصدقاءه المقربين من مناطق المملكة لتناول وجبة الإفطار سويا منتصف رمضان. يقول عبد الله «رتبت للأمر سرا عندما أخبرتني أختي أنها سمعت والدي يذكر أصدقاءه الثلاثة ويتذكر حنين لقاءاتهم في رمضان وتعاونهم في إعداد الإفطار في مخيم الجيش السعودي على الحدود اليمنية قبل 30 عاما»، ويضيف أنه فورا اتصل بأبناء أصدقاء والده ورتبوا معا لقاءات خلال رمضان، لكنه وجد صعوبة في الحجوزات جعلت اللقاء يتأخر لمنتصف الشهر،«كنت أتمنى أن تكون غرة رمضان». وأشار عبد الله أن حرصه على تحقيق أمنية والده في لقاء أصدقائه لأنه يريد إخراج والده من حالة الانكفاء التي يعيشها بحكم السن، موضحا أن مدينة الرياض قاسية فلا تجمعات فيها للمسنين غير مركز الأمير سلمان الاجتماعي الذي يقع في الطرف الآخر من موقع سكنه الأمر الذي جعل والده يشعر بالغربة داخل مجتمعات الشباب من حوله خاصة أن زوجته متوفاة منذ خمس سنوات. ودعا آل كداش المؤسسات الخيرية والاجتماعية الالتفات إلى المسنين وتوفير مواقع للقاءاتهم وممارسة الأنشطة المشتركة مع بعضهم. في منزل آخر زارته «عكاظ» تجلس المسنة صافية آل حسين ( 70 عاما) في بيتها في حي الجزيرة الذي تعيش معها فيه حفيدتها التي تدرس طب الأسنان، وكذلك تقوم على خدمتها عاملتين منزليتين وصافية مرافقة لحفيدتها التي اختارت الطب، تقول «أحب التعلم وأساند حفيدتي لكي تتعلم الطب وهي فتاة مجتهدة وتستحق الدعم، إضافة إلى أنها بكر أصغر أبنائي وأحبهم إلي وهي «سميتي» أيضا تقولها ضاحكة . سألناها عن أمنياتها في رمضان فأجابت سريعا «أن يجتمع أبنائي حولي على مائدة واحدة وأقر عيني بهم وعن إمكانية تحقق ذلك قالت حفيدتها ل«عكاظ» إن أعمامها أبناء السيدة صافية يعيشون في مناطق متفرقة إضافة إلى أن بعضهم يعيش خارج أرض الوطن، وتضيف حفيدتها أنها تتمنى مع جدتها أن تجتمع أسرتهما على مائدة واحدة، موضحة أن اغترابها في الرياض يفقدها حنين الالتفاف العائلي للأسرة وهي تشعر بتأثير ذلك على جدتها.