دافع عن حفيدته الصغيرة التي حاول والدها إجبارها على الزواج من ثمانيني، سقط جثة هامدة بضربة عصا سددها الابن العاق على هامة والده، ومابين رحيل الجد (المحامي) الوحيد عن حفيدته الصغيرة، وبقاء الأب في السجن تعيش (نورة) تلك الطفلة القاصرة التي أنقذتها «عكاظ» قبل سبعة شهور من زواجها من الثمانيني، عندما إنفردت بنشر قصتها حتى تكفل فاعل خير من جدة بتقديم المهر للزوج مقابل طلاقها. «نورة شوعان» تعيش مشاعر مختلطة بين الحزن العميق وهواجس الخوف الدفين من مستقبل غامض يلف محيطها فلم يتبق لها في هذه الحياة سوى جدتها كفيفة البصر وشقيقتها الصغرى التي تخشى مصير شقيقتها الكبرى، في ظل طلاق أمها وانفصالها عن والدها قبل عدة سنوات. وتروي مصادر مقربة من نورة ل«عكاظ» اللحظات الأخيرة في عمر جدها التي وقف إلى جانبها ومنع زواجها بالطاعن في السن، بأنها كانت تسمع الشجار الذي يفتعله والدها ضد جدها، عندما تحطمت أطماع والدها على صخرة حزمه وشدته فلم يرضخ أو ينثني لتهديدات بتزويجها بالقوة بل مضى بالقول «لن تزوجها وأنا على قيد الحياة». وتسترجع نورة شريط ذكرياتها المثخن بالخوف والقلق بقولها: قامت (عكاظ) بدور كبير في عرض قضيتي التي أثمرت عن تبرع أحد فاعلي الخير بدفع مبلغ «17 ألف ريال» الذي قبضه والدي من الرجل المسن واشترى به سيارة، وقد ظننت أن قضيتي انتهت وأن المشكلة حلت إلا أن دوافع الشر حركت والدي بعد انتهاء القضية منذ شهرين، حيث عاد إلى وساوسه الشيطانية وأطماعه الشخصية، وحاول هذه المرة تزويجي من شخص آخر كبير في السن أيضا مقابل مبلغ من المال إلا أنني رفضت وكذلك جدي وجدتي أجمعنا على الرفض لهذا الزواج غير المتكافئ، وكان والدي يفتعل المشكلات في المنزل بسبب موقفنا من هذا الزواج، وكنت حينها أشعر بالأمن والاطمئنان في ظل وجود جدي ولكن بعد رحيله، من سيحميني ويقف إلى جانبي لا أحد بعد الله سيقف معي، فجدتي كبيرة في السن وعمياء، أما شقيقتي فصغيرة عمرها ثماني سنوات وأمي رحلت بعيدا بعد طلاقها واقترنت برجل آخر. وأكد مصدر فضل عدم ذكر اسمه أن الفتاة نورة كانت تعاني من أوضاع نفسية سيئة بسب الشجارات والخلافات القائمة بين والدها وجدها بسبب موضوع زواجها، وأن حالتها النفسية زادت سوءا بعد رحيل جدها الذي كان يمثل لها صمام الأمان ومصدر الاطمئنان، مشيرا إلى أن الابن قد حمل في قلبه حقدا دفينا على والده الذي أفشل لأكثر من مرة مشروع زواج ابنته الصغيرة، حيث كان الأب ينوي الزواج مرة ثانية بعد طلاق زوجته الأولى والدة نورة، فلم يجد مناصا من فكرة تزويج ابنته من شخص مسن يستطيع دفع مبلغ كبير من المال، وأمام حائط الصد القوي الذي فرضه الجد من أجل منع هذا الزواج عزم الابن العاق على الخلاص من والده بضربة عصا خشبية على هامته ليسقط صريعا، حيث جرى نقله إلى مستشفى صبيا العام وأودع ثلاجة المستشفى، إلى أن دفن، فيما ألقي القبض على الابن الجاني وأودع السجن تمهيدا لمحاكمته. وأضاف المصدر بعد فراغ المنزل من الأب والجد نقل ابن عم نورة الأسرة المكونة من نورة وجدتها العمياء وأربعة من أشقائها الصغار إلى قرية أخرى بعيدا عن منزل الأحزان في قرية «المبروكة» التي عاشت فيها نورة وأشقاؤها الصغار أياما وليال عصيبة. وتجولت «عكاظ» لأكثر من ثماني ساعات للبحث عن هذه الأسرة وأخيرا استطاعت الوصول إلى عنوان الأسرة الجديد في قرية مسلية شرق بيش، وظهرت على الجدة علامات الوهن والشيخوخة، بالإضافة إلى ضعف بصرها، وأوضحت ل«عكاظ» أنها تعيش أحزانا ممتدة بعد فقدان اثنين من أسرتها دفعة واحدة هما زوجها جد نورة وابنها القابع في السجن بسبب قتله لوالده، مشيرة إلى أن ابنها كان ضحية لأطماعه الشخصية وأصدقاء السوء الذين غسلوا مخه ودفعوه لقتل والده، لافتة إلى أنها تحن إلى العودة إلى قريتها ومنزلها الذي عاشت فيه سنوات طويلة وتحمل فيها ذكريات طيبة مع زوجها الراحل كما أنها تشعر بالقلق على مستقبل أحفادها الستة بعد سجن والدهم العائل الوحيد لهم، وأكدت أن نورة بخير ولكن وضعها النفسي سيئ لا سيما بعد رحيل جدها وسجن والدها. وعلمت «عكاظ» أن الأم تركت المنزل بعد انفصالها عن زوجها القاتل قبل سنوات، ما جعل الزوج يفكر في تزويج ابنته ليستفيد من مهرها في الزواج. وأكد ل«عكاظ» الناطق الإعلامي لشرطة جازان بالإنابة النقيب عبدالرحمن بن سعد الزهراني، وقوع الحادث، لافتا إلى أن القاتل 50 عاما ضرب والده الطاعن في السن بواسطة عصا غليظة على هامته، ما أدى لوفاته مباشرة، مرجعا سبب هذه الجريمة لخلافات بينهما على خلفية رفض الجد زواج حفيدته الصغيرة من شخص كبير في السن، مؤكدا أنه ألقي القبض على الابن القاتل وإيداعه السجن تمهيدا لمقاضاته شرعا.