من أعظم وأجل الأحداث التي وقعت في هذا الشهر المبارك غزوة بدر، التي وقعت في رمضان 2ه/624م بين المسلمين وكفار مكة، وكان من أبرز أسبابها اضطرار المسلمين للنزوح من ديارهم بمكة، والهجرة إلى المدينة بعد أن نكل الكفار بهم فقتلوهم واغتصبوا ممتلكاتهم. ولذلك أراد الرسول أن يضعف من قوة قريش بالتعرض لطريق تجارتهم بين مكة والشام، لذا خرج في 314 رجلا وكانت النتيجة انتصارا باهرا للمسلمين على المشركين، بعد أن قتلوا منهم سبعين (أغلبهم من كبراء وصناديد قريش) وأسروا سبعين، واستشهد من المسلمين 14رجلا، ولم يؤسر منهم أحد، وحازوا غنائم كثيرة. غزوة بدر هي أول مواجهة عسكرية كبرى حصلت بين المسلمين و بين كفار قريش، وهي أشهر وأعظم الغزوات التي قادها الرسول ضد الكفار. ولهذه الغزوة مكانة رفيعة ومتميزة في تاريخ الإسلام، فقد وسمت المجاهدين الذين اشتركوا فيها بوسام متميز من التقدير والاحترام، وسجل التاريخ بطولاتهم في صفحات مشرقة وبأحرف من نور، فكان يكفي المسلم قدرا آنذاك أن يقال عنه أنه بدري. وتعتبر هذه الغزوة المباركة يوما عظيما من أيام التاريخ الإسلامي، حيث كانت البداية الحقيقية لظهور المسلمين وعلوهم، وكل انتصار تلا ذلك اليوم سيظل مدينا لهذه المعركة التي كانت شرارة البدء للفتوح الإسلامية. من نتائج هذه المعركة أنها كسرت هيبة المشركين، وهيبة مواجهة أعداد ضخمة تفوق المسلمين أضعافا مضاعفة، ورفعت معنويات المؤمنين وزادت إيمانهم وثقتهم بالله. بسبب أهمية هذه المعركة في إعلاء شأن الإسلام سماها الله في القرآن (يوم الفرقان) أي اليوم الذي فرق فيه الله بين الحقّ والباطل. خلد الله ذكرى هذه المعركة الفاصلة في سورة كاملة (سورة الأنفال)، كما نزلت آيات كثيرة بشأنها في سورة آل عمران. كان من نتائج غزوة بدر أن قويت شوكة المسلمين وأصبحوا مرهوبين في المدينة وما جاورها. كما أنها تركت في نفوس أهل مكة المشركين أحزانا وآلاما شديدة بسبب هزيمتهم ومن فقدوا أو أسروا. كانت الإمدادات الإلهية بجند الله من الملائكة تثبت قلوب المؤمنين، وتشارك في القتال أحيانا، قال تعالى: «إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان» احترام النبي صلى الله عليه وسلم لمبدأ الشورى في الحرب ولو كان من فرد واحد، فقد أخذ برأي الحباب بن المنذر في تخير مكان نزول الجيش، ورأي سعد بن معاذ في بناء العريش، واستشار أصحابه في القتال عندما علم بخروج قريش، وفي الأسرى أيقتلون أم يفادون؟ فهذه المعركة وضعت وأسست مبدأ الشورى في الإسلام. أحمد معمور العسيري