سجل التاريخ من هذه الأرض أعظم الملاحم البطولية، فمنها أشرقت شمس الإسلام، وبزغ فجره لينشر هذا الدين في جميع أنحاء المعمورة.. وفي هذه المدينة وقف المصطفي صلى الله عليه وسلم يستغيث ربه فاتته الاستجابة من فوق سبع سماوات، قال الله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ).. وعلى تراب هذه الأرض قاتل جنود السماء من الملائكة بقيادة جبريل عليه السلام جنباً إلى جنب مع جنود الأرض، بقيادة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ).. وتحت ثراها يرقد شهداء الإسلام من صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار. غزوة بدر هي المعركة الوحيدة من عهد سيدنا آدم عليه السلام إلى يومنا هذا التي عرفت نتيجتها قبل أن تبدأ، فقد وعد الله سبحانه وتعالى رسوله والمسلمين إحدى أمرين إما القافلة وإما النصر على المشركين، وقد نجت القافلة وغيّرت طريق سيرها فوجد المسلمون أنفسهم وجهاً لوجه أمام المشركين: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ).. وقال حسان بن ثابت - رضي الله عنه: ويوم بدر إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد وكانت موقعة بدر الكبرى يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان المبارك، في السنة الثانية للهجرة النبوية، وتصادف اليوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان من عام 1431ه. مدخل مدينة بدر جنوب غرب المدينةالمنورة لماذا سميت بدر؟ سميت بدراً كما تقول الروايات نسبة إلى اسم بدر بن يخلد بن النضر، وهو من كنانة، وقيل من بني ضمرة، وكان هذا الرجل قد سكن هذا المكان فنسب إليه، وسمي به، وبعد ذلك غلب على المكان الاسم، وكان قرية صغيرة قليلة السكان، وقيل إن الاسم جاء انتساباً إلى بدر بن قريش، الذي حفر بئراً في هذا المكان، فسميت البئر باسمه، ثم غلب الاسم على المكان، وعرفت بماء بدر، والرجل الذي حفر البئر هو ابن لقريش من بني الحارث بن يخلد، وكان دليل قريش وصاحب ميرتها (الميرة: جلب الطعام)، وقد غلب اسمه على المكان وسمي بدراً. وتعد بدر من المواقع المشهورة قبل الإسلام، وبعده، وتكمن شهرتها قبل الإسلام لشهرة مائها (ماء بدر)، وكذلك لأنها أحد الأسواق المشهورة عند العرب آنذاك، حيث كانت تقام في بدر سوق مشهورة للعرب من الأول من ذي القعدة إلى الثامن منه، وكانت بدر على طريق القوافل التجارية المتجهة إلى الشام من مكة، وهي أيضاً على الطريق القادم من المدينة إلى الجار (ميناء المدينة القديم على البحر الأحمر)، ولقد نالت مدينة بدر شرفاً كبيراً لم تنله غالبية مدن العالم، وهو شرف ذكرها في القرآن الكريم. قال الله تعالى في محكم التنزيل: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون)، وهي الآن عبارة عن ملتقى طرق مهم بين المدينةالمنورة وينبع وجده ومركز إقليمي يخدم أكثر من (30) قرية ومركز ثقافي وتسويقي لتلك القرى. الموقعة الكبرى كانت هذه الغزوة حداً فاصلاً بين الإيمان والكفر، إذا عز الله فيها الإسلام وأهله، وأذل فيها الشرك وأهله، فأصبحت (بدر) لها مكانة عظيمة في تاريخنا الإسلامي، وشارك في هذه المعركة عدد من الملائكة الكرام، وكانت نتيجة هذه المعركة الخالدة مقتل (70) رجلاً وأسر (70) رجلاً من المشركين واستشهاد أربعة عشر صحابياً. معالم ومواقع تاريخية * مسجد العريش: وهو موقع العريش الذي بناه الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم في يوم بدر. * مقبرة شهداء بدر: وتضم رفاه أربعة عشر شهيداً (6 من المهاجرين و8 من الأنصار)، وهم: من المهاجرين: (عبيدة بن الحارث، عمير بن أبي وقاص، ذو الشماليين بن عبد عمرو، عاقل بن البكير، مهجه بن صالح، صفوان بن وهب)، ومن الأنصار: (سعد بن خيثمة، مبشر بن عبدالمنذر، يزيد بن الحارث، عمير بن الحمام، رافع بن المعلي، حارثة بن سراقة، عوف، ومعوذ ابناء عفراء). * العدوة الدنيا: (مكان قدوم المسلمين من المدينةالمنورة). * العدوة القصوى: (مكان قدوم المشركين من مكةالمكرمة). * جبل الملائكة: (الجهة الغربية من محافظة بدر حالياً).