تواترت على مدى الأشهر الماضية، أخبار هروب أعداد من السودانيين من أبناء دارفور إلى الكيان الصهيوني عبر سيناء، واستطاعت أجهزة الأمن المصرية ضبط بعضهم، والبعض الآخر وصل بالفعل إلى تل أبيب، ويسعى الآن إلى إنهاء إجراءات حصوله على الجنسية الإسرائيلية. والسؤال: هل الأمر بالفعل يمثل مفاجأة، أم أنه مرتب جيدا ومنذ فترة؟ وهل هذا الهروب المتتالي للدارفوريين نحو إسرائيل، له علاقة خفية بوجود إسرائيلي سري في المناطق، التي أتوا منها، وتحديدا من دارفور؟ وما هي، إن صح فعلا، جذور هذا الوجود وحقائقه؟. إن بحثنا عن إجابات لهذه التساؤلات، نجد كما هائلا من المعلومات والأسرار الخطيرة لهذا الدور الإسرائيلي، وتحديدا للموساد، في تلك البلاد. وأن هذا الوجود للموساد يرتبط بفكرة تطويق البلاد العربية من الجنوب لاحتمالات حروب مستقبلية، وتصبح دارفور، بل وغالب دول جنوب الصحراء، ساحة كبرى لتصفية الخلافات والصراعات بين العرب وإسرائيل، بحسب الباحث المصري د.رفعت سيد أحمد. إذن، نحن أمام مخطط أكبر من لاعبيه المحليين، سواء كانوا أهل دارفور أو غيرهم، ولكي نستوعب أبعاده جيدا، لابد من التنقيب عن بعض المعلومات المفيدة في ملفه الغامض والخطر في آن. فماذا تقول تلك المعلومات، في البداية، يحدثنا التاريخ أن السودان كان من بين الدول المرشحة لتوطين اليهود قبل فلسطين، فقد كتب اليهودي واربورت، الخبير بشؤون الفلاشا عام 1900، اقتراحا إلى اللورد كرومر في القاهرة بذلك. وقدم يهودي آخر هو أبراهام جلانت نفس الاقتراح عام 1907 إلى رئيس المنظمة الإقليمية اليهودية. وبالتالي، كان السودان محط اهتمام اليهود منذ أكثر من مائة عام، ولكنه تركز بشكل أكبر على الجنوب، حيث الأرضية المهيأة لتحقيق أطماعهم في السيطرة على منابع النيل والإيفاء بوعد إسرائيل الكبرى. ولم يقتصر الدور الإسرائيلي في الجنوب فقط، بل امتد أيضا إلى دارفور، في هذا السياق نذكر ما قاله د. مصطفى عثمان إسماعيل في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة عام 2004، لبحث أزمة دارفور، حين اتهم إسرائيل علانية بلعب دور رئيس في تصعيد الأحداث في دارفور، إذ قال: إن المعلومات التي لدينا تؤكد ما تردد في أجهزة الإعلام من وجود دعم إسرائيلي، وأن الأيام المقبلة ستكشف عن الكثير من الاتصالات الإسرائيلية مع المتمردين. ولعل أبرز دليل على ذلك، ما قاله سفير إسرائيل في الأممالمتحدة عندما تحدث عن الجدار الفاصل في الضفة الغربية، حيث بدأ حديثه عن دارفور وما يفعله العرب هناك، إضافة إلى تحرك الجاليات اليهودية لإثارة الأقاويل عن أحداث دارفور. بل إن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، أعلنت بتبجح في 24 /5/2006 أن حكومتها ستساعد في إيجاد حل للأزمة في إقليم دارفور السوداني، وذلك خلال لقاء جمعها مع عدد من السفراء الأفارقة في تل أبيب، حيث ناقشت معهم الأزمة في الإقليم. إن الهدف الإسرائيلي، هو تحقيق انفصال دارفور أولا، ثم تفتيت السودان وغيره من دول القارة الأفريقية، فضلا عن أن السودان أولا دولة عربية وإسلامية، فيجب تدميرها، إضافة إلى أنها تمثل العمق الاستراتيجي العربي الجنوبي، وبالتالي، فإن عدم استقرار السودان يؤثر بشكل قوي على مجمل الخريطة العربية.