كتب الأستاذ والصديق عبده خال ضمن زاويته اليومية (أشواك) ليوم الاثنين 12 شعبان 1430ه في جريدة عكاظ تحت عنوان (حرام يا ابني).. وأنه قد وقف أمامه طالب يسأله: يا أستاذ هل الغناء حرام؟ وقد أجابه زميله بأنه حرام وكذا التلفاز والموسيقى.. ثم تسابق الطلاب في ذكر بقية المحرمات.. وقال: ((.. وفي كل مرة أشعر أن الأطفال يعيشون تناقضا بين ما يقال ويتم ترسيخه وبين الواقع المعاش وما نمارسه في حياتنا بنشوة ويتم ترسيخه أيضا..)). واختتم كلمته بأنه عندما يسأل أحدهم عن حكم ما.. أجاب بحرمته بالرغم من تعاطيه له.. فيقول: ((.. أليس بهذا التناقض نحن نخلق جيلا سوف يتدرب على الاستهانة بالأحكام الفقهية..)). وطبعا الطفل والشاب كل منهما يأخذ ما يسمعه من مدرسه أو زميله في المدرسة والشارع مأخذ القبول، فهو لا يميز بين الصحيح والسقيم، ولكنه عندما يعود للمنزل ويرى عكس ما سمع من محرمات كراديو أو تلفزيون سيصاب برد فعل قد يؤثر على مساره مدى حياته، وهذا يذكرني بما قاله ابني علي قبل نحو عشرين عاما وأثناء بداية حرب الخليج وقبلها معركة تحرير أفغانستان والتعبئة الإعلامية لها وتحفيز الشباب وطلاب المدارس على أن يعيشوا الجو ويتفاعلوا معه.. فقد خرجت مع ابني وعندما أدرت مفتاح تشغيل السيارة اشتغل المذياع، وكان وقتها بموسيقى إخبارية فقال ابني: بابا هل أنت كافر؟ فقلت له: ما سبب السؤال؟ قال: إن أستاذهم بالمدرسة يقول: إن من فتح الراديو والمؤذن يؤذن فهو كافر!! وفي اليوم التالي الثلاثاء 13 شعبان 1430ه تكتب الأستاذة حليمة مظفر في جريدة الوطن في زاويتها (حياة الناس.. كلاكتيات) تحت عنوان (ثقافة الحرام) وأنه أصبح تداول كلمة حرام شائعا في المجالس أو المقهى أو بين زملاء العمل من متعلم وجاهل.. وقالت إن بعضهم ودون وعي يتعصب لكلمة حرام ويفرضها على الآخرين، واصما مرتكبها بالفسق والفجور والعلمنة.. وأن هذا ناتج من ثقافة الغلو والتشدد والتنطع من بعض الدعاة والوعاظ ممن أخذوا ينشرونها كفتاوى.. الخ. وذكرت شيئا من تلك المحرمات مثل: ((لبس البنطلون للمرأة حتى على زوجها، وتحريم التصفيق،وتحريم لعبة الشطرنج، وتحريم لعبة طاق طاقية، وتحريم دخول المرأة على الإنترنت إلا بوجود محرم، تحريم السينما، تحريم ارتداء القبعة منعا للتشبه بالكفار، وتحريم تداول بعض الأسهم، وتحريم الرياضة البدنية للنساء، وتحريم الموسيقى وتحريم بيع الورود الحمراء في يوم الحب..))، ونسيت تحريم طاش ما طاش وغيره، وانتهت في مقالها إلى قولها: ((.. والمحصلة: يطفو على سطح المجتمع مربعان متصارعان، أحدهما يختار العزلة والغلو والتنطع مما زعم أنه محرم، وآخر يفقد الثقة في التوجيه الديني بما لا يكفي حاجته المعاشة وفطرته السوية، وحين يتمرد على ثقافة الحرام هذه تلاحقه تهمة (فاسق.. عاصي) دون ذنب!! وفي اليوم التالي الأربعاء 14 شعبان نجد الأستاذ قينان الغامدي يكتب في زاويته (صباح الوطن) تحت عنوان (وزارة العمل وأهل بيزنطة: جهاد توضيح الواضحات) وتساءل: ما الفرق بين أن تبيع المرأة في الدكان وبين أن تبيع على الرصيف، وقبله يستعيب المجتمع أن يعمل الشاب في صوالين الحلاقة أو المطاعم أو الورش وأسواق الخضراوات أو سائقي العائلات.. الخ. وفي اليوم نفسه نجد الأستاذ تركي الدخيل يكتب في الوطن زاويته اليومية (قال غفر الله له) تحت عنوان: يا أخي عيب عليك!) مستنكرا مزاولة أحدهم المشي أو الجري.. أن جيرانهم يتهامسون: (فلان انهبل؟ وش فيه يركض مثل الأطفال؟ فلان يطلع أصلع الرأس ويلبس (ترنق) ويركض.. وانتهى إلى قوله: المشكلة أن مفردة (عيب) لا تدري ما مضمونها، فهي لا تعني (الحرام) الفقهي ولا (المخالفة) النظامية القانونية ولا (العرف) الاجتماعي الذي يظهر أن العيب عبارة عن (كنه) غير معلوم يجعل من حركة الإنسان في مدينته محدودة، لابد أن يبقى كالصنم طوال اليوم، يلبس الشماغ والعقال والثوب طوال اليوم وكأنه حديث عهد بعرس..)). كل ما سبق من كلام خلال يومين متتاليين وفي جريدتين فقط.. وكل ما ذكر ليس لمن عاش مثلي أكثر من نصف قرن وتابع مراحل تطور المجتمع و ردود الفعل لدى المحافظين والذين أصبحوا متنطعين ومتطرفين ومغالين وقبل أربعين سنة كان هناك مجموعة من الحوانيت بالعشرات في سوق المربع الجنوبي مقابل ثانوية اليمامة في الرياض وبالقرب من مجلس الوزراء وقد كتب عليها (لبيع وتأجير الأفلام السينمائية ومكائنها) وقبل ذلك بأكثر من عشر سنوات وبالذات عام 1380ه قبل نصف قرن نجد معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر يذكر في مذكراته (ج14) أن جامعة الملك سعود تطلب من أرامكو مكينة لعرض الأفلام السينمائية للطلاب.. أنا فقط أذكر بأمور بديهية الكل يعرفها أو مر بها فعند تأسيس المملكة وقف الكثيرون ضد كل جديد. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة