الجيران فاكهة الحياة حين يكونون من نوعية أولئك الذين يفتقدونك إذا غبت أو طال غياب سيارتك من الوقوف أمام المنزل. في حين هناك جيران تعرف أنهم يسكنون في البيت الملاصق لبيتك، لكنك لا تراهم عادة، وكل ما تعرفه أن لديهم خادمة تطرق بابك بين وقت وآخر. هذه صورة حقيقية لطبيعة الجيرة والجيران في أحيائنا السكنية، فالعلاقات التي تسود حاليا بين الجيران في الأحياء المختلفة تعد غريبة على كبار السن ممن كان الجار عندهم يزيد أهمية عن أهمية الأهل والأقارب. اليوم لا يخرج الناس من قصورهم ومنازلهم الفخمة التي تشبه الحصون والقلاع. لقد تمترسوا خلف الأسوار مع جموع من الخدم والخادمات حتى يبدو عدد الخدم في أحيان كثيرة ضعف عدد سكان المنزل ولم يعد التزاور بين الجيران واجبا كما كان، بل تحول إلى محظور، وقد يصل حد البدعة يوما من الأيام. كنت وما زلت أعتقد مثل جدي بأننا فرطنا في هذه الفريضة الاجتماعية بسبب الإهمال واللامبالاة حينا ولظروف العمل والانشغالات حينا وتحت ظروف التحولات والتنقلات التي حكمت حياتنا الاجتماعية حين اضطر كثيرون للانتقال من حي لآخر مما جعل كثيرين يفقدون جيرانهم الذين اعتادوا الحياة معهم، فيما فشلوا رغم حرصهم بناء علاقات جوار جديدة مع الجيران الجدد. إن التغيرات الاجتماعية والثقافية في تركيبة وبنية المجتمع قد أثرت في هذه العلاقات، بحيث ولدت ظاهرة التباعد والقطيعة بين أبناء الحي الواحد، خاصة في تلك الأحياء الجديدة النشأة التي تأسست على جموع القادمين من أحياء مختلفة. لم تبذل أية جهة جهودا من أي نوع لتلافي الفجوة بينهم وتيسير عملية التواصل من خلال الأنشطة الاجتماعية في الحي أو حفلات التعارف واللقاءات مثلا لانعدام مراكز خدمية من هذا النوع في أحيائنا السكنية بوجه عام رغم ماسمعناه عن مشروع مراكز الأحياء. عبد الواحد الرابغي جدة