في شهر رمضان الكريم يحلو الحديث عن الأعمال الخيرية بكل أنواعها، وأنا أصر على كلمة «كل أنواعها»، لأن أعدادا كثيرة في مجتمعنا لا يعرفون من الأعمال الخيرية إلا بناء المساجد والصدقة على المحتاجين. ومع أنني أعرف أهمية بناء المساجد ومكانتها عند الله وكذلك مساعدة المحتاجين بشكل مباشر، إلا أن هناك أعمالا خيرية أكثر أهمية مما ذكرته، وأكثر أثرا في بناء المجتمع وتماسكه، ومنها على سبيل المثال: بناء المدارس والمستشفيات والمختبرات العلمية في الجامعات، وابتعاث الطلاب للتعلم، وتشغيل العاطلين عن العمل وغير ذلك من أعمال الخير التي لا يكاد يلتفت إليها أحد في مجتمعنا. ومن هذه الأعمال الخيرة والمفرحة جدا ما يقوم به مركز التنمية الأسرية في الأحساء والذي يشرف عليه أحد الفضلاء المتميزين في المنطقة الدكتور خالد الحليبي. وقد تكون هناك مراكز مماثلة في الجودة في بلادنا أتمنى ذلك ولكن عدم رؤيتي لها هو ما يجعلني لا أخصها بالحديث هنا أو في مقال مستقل. هذا المركز له أهداف كثيرة وكبيرة منها بحسب ما جاء في أحد الكتيبات التي نشرها المركز، أنه يهدف إلى المساعدة في إيجاد الأسر المستقرة، لأن هذه الأسر تنتج الإنسان الناضج المحب لدينه ووطنه، البعيد عن التطرف والإرهاب، كما أنها تنتج الموظف الهادئ الذي يحسن التعامل مع المراجعين، كما أنه أيضا يكون غزير الإنتاج، متقنا لعمله. ومن أهداف المركز أيضا أن يكون الأب حريصا على تربية أبنائه بصورة جيدة، يكون الأبناء حريصين على معالي الأمور كما أن إيجاد أسرة مستقرة يتعاون فيها الزوجان وتضمها المودة والرحمة من اهتمامات المركز وأولوياته. أعرف أن هذا المركز ساهم في أعمال خيرية كثيرة تحدث عنها الناس في المنطقة، فالطلاق كان منتشرا بصورة مزعجة، وهو للأسف منتشر في كافة أرجاء بلادنا ويحتاج إلى دراسات اجتماعية معمقة لدراسة أسبابه والعمل على الحد منها. المركز بجهود العاملين فيه استطاع أن يحد من كثرة الطلاق، وكان له جهود واضحة في إصلاح المشاكل بين الزوجين، فكان بعض أفراده يصلحون بين الأزواج قبل أن تصل مشاكلهم إلى المحاكم ويتم الطلاق، وهذا العمل أسهم كثيرا في الحد من هذه المأساة الاجتماعية التي تشتت الأطفال وقد تدفعهم إلى مهاوي الرذيلة والجريمة. العمل على نشر الوعي الاجتماعي حول ما قد يوجد أي خلل في بنية الأسرة كان أحد أهداف الإخوة في المركز، كما أن معالجة أسباب الفقر كان واحدا من الأهداف التي أسهمت في محاصرة هذه الظاهرة الخطيرة. ولأن الزواج أحد أهم الأسباب في استقرار الشباب من الجنسين، فقد عمل المركز كثيرا للمساعدة في بناء أسر جميلة مستقرة، فذلل كثيرا من العقبات التي تعترض الشباب، كما ساهم ماديا في تقديم المساعدات لهم، وكذلك المساعدات العينية مثل صالات الزواج والأثاث الذي يقدم للمتزوجين بحسب إمكاناتهم. المركز يقدم مئات المحاضرات والندوات عن كل ما يتعلق ببناء الأسرة، ويستضيف لذلك أعدادا من المختصين، كما أنه خصص جوالا أسريا يهدف إلى بث روح الثقافة الأسرية، ويرد على جميع استفسارات المتصلين، وخصص للرد على هذه الاستفسارات عددا من الكفاءات العلمية في مختلف التخصصات. أعود إلى القول: إن شهر رمضان فرصة لكل الأعمال الخيرية، ومن هذه الأعمال التي تستحق المساعدة المراكز الأسرية في مختلف مناطق بلادنا لأنها إن تمكنت من ممارسة عملها بصورة جيدة ستكون أسرنا قوية متماسكة، وهذا النوع من الأسر هو القادر على العطاء والإنتاج، فلا يمكن أن يقوم المجتمع على أسر متفككة وهذه هي الخطورة التي ينبغي أن نتجنبها بكل الوسائل. الشكر لهذا المركز، والشكر لكل من يعمل على بناء مجتمعه بكل الوسائل، ولعل هذا الشهر يكون دافعا لكل القادرين على العمل والعطاء لبناء وطن عزيز بكل أفراده. * أكاديمي وكاتب للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة