يتسامر الرعاة في بادية آل تليد القابعة على الحدود اليمنية السعودية على الفلكلور البدوي، ويشتهر أهالي وادي دفاء وصدر جورا بالحداء وطرق الجبل الذي يزيلون به همومهم، ولا سيما أنهم رعاة أغنام وهو مصدرهم الأساسي في كسب الرزق. يأتي صدى صوت الرعاة من أعلى الجبل بالأهازيج التهامية البدوية. تأخذك الدهشة والإعجاب بتلك الصبية الجميلة «شوقة» ولبسها البدوي المزركش. كانت بهية الطلعة هادئة الابتسامة ذات عينين لماعتين أخاذتين، عندما أطلقت صوتها الشجي شعرا. وبين الوادي والجبل تجرجر «شوقة» صوت الحداء. يأتي صوتها من بعيد مع شمس الغروب وهو مليء بالشجن والموال وعذاب الكلمة. عرفت شوقة بذكائها واشعارها رغم صغر سنها. ولكنها تعيش في هذه البادية التي ليس فيها تعليم غير المراحل الابتدائية، ويبدو أن مواصلة تعليم البنات بصفوفه العلي من الترف الاجتماعي في هذا المكان. فليس باستطاعتهم التنقل للبحث عن التعليم. تتقن شوقة فن شعر الطرق الطويل، وهو نوع يعتمد على مقاطع غنائية معينة، ويكثر فيه الجناس وتكون غالبا كلماته الأخيرة من كل بيت متشابهة في لفظها ولكنها مختلفة في معناها. سألتها، هل ترغبين في التعلم؟ فقالت: نعم ولكننا نهتم برعي الأغنام فقط، وليس لنا حظ في التعليم، وكما ترى هذه الجبال، لا أحد يفكر أن يضع فيها مدرسة.