طالب باحثان بجمعية تراثية تهتم بالرواة والباحثين وتجمع كبار السن لتسجيل رواياتهم حول الفنون التراثية القديمة لتكون بوابة للتاريخ. جاء ذلك خلال أمسية تراثية بدأت بكلمات المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود التي انطلقت تشجيعا لجيشه، إبان فتوحات الجزيرة العربية،( عيب على اللي يركب المشوال ولا يروي الرمح الطويل ما كل من ركب الفرس خيال إن نهضن رهم الشليل) حدا بها ناصر الظفيري وبدر الشلهوب لجمهور أمسية حداء البادية ونهمة الغوص التي نظمها فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، مساء أول من أمس وأدارها الإعلامي خالد الخالدي، استعادت الأمسية ذكريات الماضي عبر فنين جاءا من رحابة الصحراء وعمق البحر، ليعبرا عن ألم إنساني واحد وإحساس واحد، وثقافة وهوية واحدة، فالبحر امتداد للصحراء والصحراء امتداد للبحر، "حداء البادية ونهمة الغوص" احتلا مكانة في ذاكرة الموروث الشعبي، صاحبهما صوت النهام صالح العبيد، والحاديين ناصر الظفيري وبدر الشلهوب، بالإضافة إلى العديد من التسجيلات المرئية القديمة عن الحداء ونهمة الغوص. اتفق من خلالها ضيفا الأمسية الباحثان سليمان الفليح، وعلي الدرورة، على أن الحداء والنهمة "نشيد عمل"، يقدمان لإثارة الحماس، رغم تعرضهما للخطر من عواصف ورياح طلبا للرزق. وقال الفليح إنه في الحقبة الزمنية المسماة بالجاهلية الثانية بعد زوال السلطة العباسية وانفراط الأمن هيمن الأتراك على العالم العربي وبرز شعراء وفرسان يجيدون الحداء كفن حربي يبعث في الروح الحماس والإقدام، والحداء لايأتي جزافا لمجرد النظم بل هو ينبعث من أعماق النفس البشرية لهؤلاء الفرسان، مما يجعله أصدق أنواع الشعر لأنه يخرج من الروح لا من العقل ومن التلقائية لا الصنعة، مضيفا أن الحداء البدوي لايشبهه إلا الهوسة في العراق والعراضة في بلاد الشام، مشيرا إلى أن هناك حداء من الوجد يجسد لوعة النساء على الغزاة الغائبين، وقد انقرض هذا الندب الحزين، وحداء يغنيه الرعاة عند إلقاء الدلاء في البئر كنوع عرف ب "الهوبال". كما أن الحداء خاص بإيقاع الإبل، والحدو سوق الإبل، والحدواء ريح الشمال التي تسوق السحب، والحداء من خلال التفعيلات يتفق مع الرجز العربي القديم لاعتماده على "مستفعلن" كوحدة لبنائه، ولتكرارها مرتين في الحداء. من جهته قال الدرورة أن الموال كان متداولا عند البحارة وله أسس خاصة بغنائه وهم يجوبون المناطق الخصبة بالمحار في الخليج العربي بحثا عن اللؤلؤ، قبل انتهاء عصر الغوص.