عبد اللطيف موسى طبيب من أهالي غزة، درس في كلية طب الإسكندرية ثم عاد ليعمل في بلده، لكنه انحرف بعد ذلك عن هدفه وبدأ يتحدث عن تأسيس إمارة إسلامية تقوم على انقاض حكومة حماس أولا ثم تنتشر في كافة الأراضي الفلسطينية لاحقا ويكون مقر هذه الإمارة في رفح حتى تتوسع بعد ذلك بحسب تقديرات من فكروا فيها!! أعجز أحيانا عن تفسير مثل هذه التصرفات، فالذي تبناها طبيب وليس إنسانا جاهلا فهل يعقل أن يفكر إنسان متعلم أو نصف متعلم بمثل هذا التفكير الأحمق؟! عن أي إمارة يتحدث هؤلاء؟! وأي مواصفات غبية يضعها هؤلاء لإمارتهم!! يصفون حركة حماس بأنها حزب علماني لأنها لاتطبق أحكام الشريعة الإسلامية، ويتعهدون بمقاومتها.. كما أصروا على إغلاق المدارس الأجنبية لأنها لا تطبق الشريعة.. أما مقاهي الإنترنت فليس لها إلا التفجير!! ومن حماقات هؤلاء القوم أنهم هاجموا موقعا إسرائيليا على الطريقة الإسلامية وهم يمتطون الخيول فتم قتلهم جميعا!! مرة أخرى.. كيف استطاع هذا الطبيب بأفكاره الحمقاء أن يجد له أنصارا يفدونه بأرواحهم!! كيف اقتنع هؤلاء بأفكاره الساذجة؟! السلفية الجهادية التي انتسب لها عبد اللطيف موسى تدعي أنها الحركة الوحيدة التي تفهم الإسلام الصحيح وأن على الآخرين أن يفعلوا مثلها وإلا فليس أمامهم إلا قتالها. وهذه الحركة بمفاهيمها ليست وحدها في الميدان فهناك حركات أخرى مشابهة وإن كانت تختلف عنها في المسميات، فهناك حركة التوحيد والجهاد، وحركة شباب المجاهدين، وجيش الحق، وأمة الإسلام، وسواها من المسميات، وكل يدعي أنه صاحب الحق الأوحد، وكل يقتل المسلمين ظلما وعدوانا. والمفارقة في حركة عبد اللطيف موسى أنها تكفر حركة حماس التي توصف بالتشدد أحيانا، وبالسير على نهج القاعدة أحيانا أخرى، وبمتابعة أفكار الإخوان المسلمين مرة ثالثة.. فإذا كانت حماس بكل تلك المواصفات حركة «علمانية» كما يقول أتباع «السلفية الجهادية» فمتى وكيف تصبح هذه الحركة أو أتباعها معتدلين بحسب مواصفات السلفيين الجهاديين؟ هذه الأفكار السيئة قادت أصحابها إلى معركة مع إخوانهم.. حصيلتها خمسة وعشرون قتيلا وعشرات الجرحى وتمزق لا يعرف إلا الله مداه ونتائجه.. فهل ماحدث له أي علاقة بالإسلام السلفي أو حتى أي نوع من الإسلام؟! زعيم الجماعة قتل، وقتل معه آخرون من جماعته ومن حركة حماس، وتوالت الاتهامات والتهديدات، ومازال الباب مفتوحا على تطورات أخرى قطعا ليست جيدة. حماس تتهم إسرائيل بأنها تدعم هذه الجماعات لإضعاف حماس وتشويه سمعتها في العالم باعتبارها داعمة للقاعدة وللإرهاب!! والسلطة ربما وجدتها فرصة فقالت إن حماس ستحول غزة إلى جماعات متطرفة على غرار الصومال أو العراق ومن في حكمهما!! التدخل الإسرائيلي وارد فحماس عدوة لإسرائيل وخاضت معها حربا شرسة، وبسبب هذه الحرب خسرت إسرائيل جزءا من سمعتها الدولية، ولذلك فالإساءة لها وبكل الوسائل هدف يسعى إليه الصهاينة وبكل الطرق.. ومن هنا فلا غرابة أن يفعل ما يسيء لحركة حماس. الدعوة لإقامة إمارة إسلامية في رفح لايمكن أن يفكر فيه عاقل.. فهل يمكن فعل ذلك في بلد صغير وتحت السيطرة الإسرائيلية!! وخلاصة القول: أن ماجرى في غزة قبل بضعة أيام ترك آثارا سيئة ومدمرة على الشعب الفلسطيني كله، وزادت جراحه جراحا أخرى وكأن هذا الشعب كتب عليه أن لايجد الراحة والأمن حتى ولو بشق الأنفس. أفكار المتطرفين في غاية الخطورة، ومن مصلحة الأمة أي أمة أن تنظر إليها بحذر شديد، وأن تقاومها بكل الطرق، وأهمها الطرق العلمية الثقافية التي توجه للشباب لأن حمايتهم حماية للأمة كلها. أما الإخوة في فلسطين فليس أمامهم إلا البحث عن وحدة الكلمة، وجمع الصف، ونبذ الخلاف، والوقوف جميعا أمام عدوهم المشترك الذي يريد ابتلاعهم واحدا بعد الآخر. ولعلي أذكرهم أولا بحديث رسولنا الكريم الذي قال فيه: «سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها». وفي الحديث دلالة واضحة على أن أخطر الأشياء على الأمة هو الفرقة والاختلاف وهو ما نشاهده حاليا في فلسطين. وأذكرهم ثانيا بنصيحة خادم الحرمين الشريفين لهم، وملخصها: أن ما فعله الفلسطينيون بأنفسهم بسبب الفرقة أخطر مما فعله بهم الصهاينة. الأفكار المتطرفة خطر على الأمة، ويستغلها أعداء الأمة لتكريس الفرقة بين المسلمين، والمقاومة خطر على الصهاينة وإضعافهم هدف يسعى إليه الصهاينة بكل الوسائل. الوحدة هي التي تحمي الفلسطينيين من معظم الأخطار التي تلاحقهم، فهل توحدهم مصالحهم الكبرى ويستعلون على المصالح الذاتية؟! أرجو ذلك. * أكاديمي وكاتب للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة