لاشك أن كل الناس معافى إلا المجاهرون بالمعصية كما ورد في الحديث الشريف. وليس غريبا على مجتمع محافظ على قيم دينه وتقاليد تربيته أن يثور غضبا بسبب تعدي أحدهم على أبسط الأخلاقيات الإنسانية وخدشه لحياء أفراد المجتمع على اختلاف مشاربهم. ولكن قد يجهل بعضهم أو «يتجاهل» العوامل التي أدت بأحدهم إلى هذا الفعل الفاضح على مرأى ومسمع من الجميع، بمساندة بعض المتواطئين معه وإبرازه إعلاميا. فهؤلاء المجاهرون في رأيي لم يقرروا بين ليلة وضحاها أن يظهروا في شاشات التلفاز ويفاخروا بعملهم المشين، ولم يصل بهم الغباء حد الموافقة على فضح أنفسهم أمام الناس بهذا الشكل المخزي دون مسوغات وهمية. لكن في رأيي أنهم فهموا بعض الإشارات والإيحاءات، التي تبث عيانا بيانا، ليلا ونهارا في شاشات التلفاز، على قنوات ذات شعبية واسعة، فهموا أنها «ضوء أصفر» لتطوير بعض المشاهد المثيرة، إلى أحداث أكثر إثارة، واعتقدوا خطأ بقبول كثير من المشاهدين لها، وظنوا سفها أن مغامرتهم بالرغم من فظاعتها لا تختلف كثيرا عن «بوادر» التدهور الأخلاقي الذي تعرضه بعض القنوات الفضائية. فتلك القنوات، وما تبثه في وضح النهار من مشاهد توصف «بالرومانسية»، وتلك البرامج «الترفيهية» وما تحويها من تلميحات كلامية وجسدية تصل أحيانا حد التصريح، إضافة إلى شبيهاتها من القنوات «المشهورة» التي اتخذت من المرأة سلعة لاستقطاب مشاهديها، أقول «من الممكن» أنها مهدت الطريق للتطاول بهذا الفعل الفاضح، وشجعت أحد السفهاء على ركوب الموجة، والظهور الساقط ممتطيا وسيلة إعلامية سريعة الانتشار.. وهنا أقول، رب ضارة نافعة، ولعل هذه «الصدمة الاجتماعية» تكون سببا في تنبه بعض أفراد المجتمع المحافظ من الغيبوبة المزمنة والسكوت عن بعض القنوات الفضائية التي تجعل من تربية الأبناء على الفضيلة والأدب تحديا مضاعفا، ومهمة صعبة، بسبب تعرضهم بقصد أو غير قصد، لما تبثه من برامج جارحة للذوق السليم، ومشاهد غير مسؤولة حتى خلال أوقات عرض الأفلام الكرتونية. ولعل هذه الواقعة الأليمة تحفز الإعلاميين والتربويين وأصحاب القرار على وضع قواعد وتشريعات ملزمة، تحفظ للمجتمع قيمه ودينه، وتدعو إلى الفضيلة والحياء، أسوة ببعض الأعمال والإعلانات التربوية الهادفة التي تبنتها أخيرا بعض الفضائيات. @ استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم