للمشاغل النسائية أهمية كبرى في حياة المرأة، بحيث لا يمكن لها الاستغناء عن خدماتها في تفصيل فساتين السهرة وتطريزها، خصوصا في مناسبات الزواج والأفراح أو لأزياء المدارس، وتنتشر المشاغل النسائية في جميع الأحياء بلا استثناء، إلا أن الغريب أن غالبية العاملين في هذه المشاغل من الرجال، الأمر الذي يتناقض مع مسماها كمحلات خاصة بالحريم وبالخياطة النسائية، ولذلك كانت الطريقة الوحيدة لأخذ مقاسات صاحبة الفستان هي جلب فستان آخر لأخذ المقاسات منه دفعا للحرج الذي تواجهه النساء في هذا الخصوص. تعديل الفساتين الجاهزة محمد أبرار (44 عاما) خياط في مشغل نسائي في جدة يقول: أعمل في مهنة الخياطة منذ ما يقارب ال 21 عاما، وتعلمت أصول المهنة من والدتي في الهند منذ الصغر، وما زلت أعمل فيها ولا أتقن حرفة سواها وتخصصي فساتين السهرة والسوارية، إلا أن الإقبال على المشاغل النسائية في الآونة الأخيرة أصبح ضعيفا، ويعود السبب في ذلك لكثرة انتشارها هذه الأيام فلا يكاد يخلو شارع في جدة من وجود ما يزيد عن أربعة إلى خمسة محلات خياطة وتفصيل خاصة بالنساء تديرها أيد ناعمة وأصبحنا نعتمد بشكل كبير على تعديل الفساتين الجاهزة. أفضل الخياطين رجال ويقول منصور علي شاه (32 عاما): كنت أعمل في مصنع متخصص في (بناطيل الجينز) في البحرين قبل مجيئي إلى جدة ولي الآن ما يقارب التسعة أعوام في محل للخياطة النسائية وتخصصي أخذ القياس، ولم تخذلني يدي يوما، فالتركيز والدقة مطلوبة في عملنا هذا، علما بأن أفضل الخياطين في العالم هم من الرجال. نراعي العادات والتقاليد ويقول محمود أحمد خان (43 عاما): عملت ثمانية أعوام في بداياتي في جدة، ومن ثم عدت لوطني واستقريت لمدة 11 عاما، عندما وجدت أن العمل في بلدي غير مربح كما في المملكة، فقررت العودة مرة أخرى لتأمين مستقبل أبنائي الأربعة، ولاحظت في الآونة الأخيرة أن غالبية الزبونات من كبيرات السن، والسبب يعود لاتجاه الكثير من الفتيات والسيدات للفساتين الجاهزة التي تركز اهتمامها على فئة الشابات اللائي أصبحن لا يأتين إلينا إلا لتعديل فستان أو تطريزه. من أجل البقاء وفي شهادة مشتاق حبيب (32 عاما) الذي ظل يعمل في مهنة الخياطة لأكثر من 12 عاما، أن الوضع تغير عما كان في السابق وأصبح الكل يتجه للجاهز لتنوعه ورخص أسعاره، وما زلنا نكافح من أجل البقاء، ففي السابق كان العمل في مهنة الخياطة وخصوصا فساتين السهرة مربحا ولكن مع تعدد المحلات وكثرة الاستيراد من الدول الأجنبية والتدفق الهائل الذي غزا السوق أصبحنا مهددين بالإنقراض ورغم ارتفاع أسعار الأدوات الخاصة بالخياطة، إلا أن أجورنا لم ترتفع، بل لا يتسنى لنا رفعها لأن الكل سوف يتجه للجاهز وبأسعار تنافسية. الوزن الثقيل ويشير حبيب الرحمن (45 عاما) إلى أن أغلب الزبائن هذه الأيام من صاحبات الوزن الثقيل وكبيرات السن، ممن تجاوزن الثلاثين والسبب يعود إلى أن أكثر محلات بيع الفساتين الجاهزة لا تهتم بهذه الفئة ولا بمقاساتها، فضلا عن الموديلات التي تناسب أعمارهن. الخياطة الناعمة وفي تفسيره للكساد الذي ضرب المشاغل النسائية يرى إمام عز الدين (خياط) أن انتشار مشاعل الخياطة التي تديرها سيدات في الفترة الأخيرة بجانب تخصصات المكياج وعالم الموضة بدأ في سحب البساط تدريجيا من محلات الخياطة النسائية التي يديرها الرجال، ولذلك ابتكر بعض الخياطين تفصيل موديلات جاهزة وعرضها للبيع، إما في محلاتهم وعلى زبائنهم أو بعرضها لدى أصدقاء لهم في محلات متخصصة في هذا المجال.