شريحة من مجتمعنا لازالت تنظر باحتقار للمهن اليدوية، وترى أنها أقل من المهن الأخرى، وتجعل صاحبها في مرتبة أدنى على السلم الاجتماعي، وهذا يمنع الإقبال عليها من المواطنين؛ ولذلك نفرح لهذا المواطن الذي يعمل ميكانيكي سيارات ويعتز بمهنته، أو نادلا في مطعم، أو نجارا أو حدادا أوغيرها من المهن اليدوية الحرفية الشريفة. سوق العمل تحتاج مثل هذا النموذج بالحاح خاصة أنه يعاني اختلالا كبيرا وتسيطر العمالة الوافدة على مفاصله الرئيسية؛ بسبب عزوف المواطنين عن العمل في القطاع المهني، ومن ثم تركه وهو قطاع ضخم يضم نسبة كبيرة من العمالة في المملكة من الوافدين. عزوف المواطنين عن العمل في المهن اليدوية يؤثر في خياراتهم التعليمية بحيث يبتعدون عن مجالات الدراسة الفنية، وهذا يهدد قطاع التعليم الفني في المملكة الذي تعول عليه الدولة كثيرا، وتعطيه أهمية كبيرة نظرا إلى دوره الأساسي في عملية التنمية. الحاجة إلى الوظائف المهنية كبيرة في سوق العمل السعودي؛ ولذلك كانت الحاجة في تطوير التعليم الفني والمهني، والمساهمة في مواجهة مشكلة البطالة.. نحن في حاجة إلى تغيير النظرة إلى هذا النوع من المهن وغيره من قبل المجتمع بحيث لا يصبح الانتماء لها سببا في الخجل أو الإنزواء؛ لأن المهنيين يشاركون بقوة في نهضة بلادهم، وتقدمها ولا شك في أن هذا التغيير الثقافي سوف يحتاج إلى بعض الوقت؛ لأن الأمر يتعلق بتوجهات اجتماعية تكرست على مدى فترة طويلة، كما أنه من مسؤولية جهات عديدة في المجتمع؛ منها المؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام، وغيرها بزرع القيم والتوجهات التي تمثل القدوة والنماذج الحية عاملا أساسيا لتغيير الصورة. عبد الواحد الرابغي جدة