أكتب كلماتي هذه وأنا في أقصى الشرق في اليابان وفي أقصى الجنوب منه في مدينة أوكيناوا، أكتب وأنا في غرفة صغيرة لا تتسع إلا لشخص واحد، وابني في غرفة مجاورة، والساعة هي الرابعة فجرا فبعد أن نمت ساعتين فقط استيقظت بسبب اختلاف الساعة البيولوجية، وصلنا مقر إقامتنا الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، وعندما بدأت أصلي ما فاتني من الصلوات خالجني شعور قوي بالامتنان لله سبحانه أن أوصلنا بالسلامة لهذا المكان القصي وسلمنا من مئات المخاطرالتي كان من المحتمل حدوثها، خاصة أنها المرة الأولى التي أسافر فيها مع ابني دون زوجي، ومع صلاة الفجر غمرني شعور غريب أن جميع ما حولي في هذه الغرفة الصغيرة من جدران وأرض وأثاث ينظر إلي بسعادة ويسبح بحمد الله أن جاء أحد مخلوقاته ليشاركها التسبيح في هذا المكان الذي يفتقر إلى ذكر الله فيه، جعلت قراءتي في الصلاة أقرب إلى الجهرية لأسمعهم وأزيد سعادتهم، وبعد انتهائي قرأت لهم شيئا من القرآن وشعرت بهم يشاركونني التلاوة ويؤمنون على ما أقرأ. تذكرت عندها قصة الشاب الذي يهوى الصلاة في المساجد المهجورة فمتى ما مر بمسجد مهجور أثناء سفره ينزل ليصلي فيه فهو يرأف بحاله أن خلا من المصلين ويخاطب جدران المسجد وكأنه يخاطب إنسانا حتى أن من يراه يظنه مجنونا، وهو في بلاد الإسلام، ولو رآني أحد اليابانيين على هذا الحال لبصم بالعشرة على أنني فقدت عقلي، لكن لو يعلم ما أشعر به من سعادة وروحانية لغبطني، ولتمنى ما أنا فيه، ففي بلد مثل اليابان يفني الإنسان نفسه في سبيل العمل، ويجري في ساقية الحياة دون غذاء روحي، مما جعل نسبة الانتحار فيها من أعلى دول العالم. حمدت الله أن يسر لي فرصة زيارة اليابان فأنا معجبة بالحضارة اليابانية وبالشعب الياباني بتنظيمه ودقته وبحرصه على العمل، حتى غدت اليابان من الدول الصناعية الأرقى في العالم. وعلى الرغم من أن من يزور مدينة أوكيناوا ذات الطبيعة الساحرة لا يجدها تنقل ما في مخيلته عن مدن اليابان المكتظة ذات نبض الحياة المتسارع إلا أن النظام والنظافة والالتزام بالوقت تذكرك بأنك في اليابان. قدمت إلى اليابان مع مجموعة من أعضاء هيئة التدريس من عدد من جامعات المملكة لحضور ورشة تدريبية مدتها 12 يوما نظمها المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد بالتعاون مع جايكا وبتمويل من الجامعة التي يتبعها العضو، ونصيب الأسد كان لجامعة الأميرة نورة فهي حريصة على تدريب أعضائها من السيدات على التعليم الإلكتروني في دورات داخلية وخارجية قبل البدء بتطبيقه. سنقضي في مدينة أوكيناوا خمس ليالي، ننتقل بعدها إلى مدينة كيوتو لمدة يومين، تم إلى طوكيو لمدة ستة أيام لنغادر بعدها. هذا مقالي الأول من اليابان وأتوقع أن تتبعه عدة مقالات قد أسردها تباعا وقد أجعلها متفرقة، وفق ما أجده مناسبا لقرائي الأعزاء من متعة أو فائدة أرى تعجيلها أو تأجيلها لوقت يناسبها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 135مسافة ثم الرسالة