فجأة تكتشف وأنت تمارس عملك، أن بيئة العمل برمتها ليست منظومة متناغمة كما هو المفترض بل هي نغمة نشاز!! فرقة كاملة تعزف كل آلة فيها بمفردها بلا مايسترو يقودها، ليكون الناتج صخبا في صخب. لكن كيف ينجح المايسترو في أن يقنع مائة عازف أن يسخروا حياتهم ومستقبلهم طوع إشارة من عصاه السحرية، يجب أن يؤمنوا جميعا أنهم في يد أمينة، وأن قائدهم يملك رؤية واضحة، حينها فقط سيشعر فريق العازفين والمتفرجين أنهم يسيرون في طريق تحقيق أحلامهم الفردية والتي لا تتقاطع مع هدف المنشأة الأوحد، بل تتشابك وتتكامل. بيل جيتس يهمس في أذننا قائلا: «أبلغ ما تقوم به وأنت تدير موظفيك أن تبث فيهم روح الحماس والتشجيع»، لذلك فإن قائد الشركة هو الممول الأول للآمال والطموح في قلوب العاملين وعملائه فإن فشل في ذلك، تحولت الشركة لعربة بطاطا متجولة.. والرئيس حين تتبدل مهمته من قبطان موقر يقود السفينة، إلى بائع بطاطا غلبان، حتما ستكتمل فصول الكارثة!! اليوم، من أبرز أسباب المأساة هو تهميش الكفاءات الشابة والتي تعد ركنا أساسيا مفقودا في دهاليز شركاتنا، والسبب المعرفة الهشة بكافة أعضاء الفريق. يليه عدم محاربة الفساد المتفشي وبقوة والذي أحد أشكاله الشللية القاتلة، ليكون الناتج ضعف فريق العمل وبالتالي عجلة عمل لا تتحرك!! يقولون « شخصيتك ومعرفتك تحددان من تجذب إليك»، فالرئيس التعبان سيجذب تعبانين أمثاله. والأمثلة لا تعد ولا تحصى، فما بين أحد المديرن الذي لا يعرف أن يقدم عرضا مصورا متكاملا فإذ به يصيب الحضور بالنوم، ساحقا الكافين في أوردتهم!! وما بين آخر لا يعرف أبسط أصول إدارة الفريق الواحد وتنمية مهارات من معه ممتعضا رافضا أن يكون هناك «مدرسة» في إدارته!! وما بين مسؤول يبني تقييمه لطبقة المديرين على أوراق ترجمة وأعمال سكرتارية يكلفهم بها، لنجد في النهاية أن المتضرر الأول والأخير من تلك النماذج الخايسة هي الشركة!! عاهات إدارية.. هؤلاء لا يعرفون أن هناك فرقا جليا بين الإدارة والبطاطا!!، لا يعرفون أن الصمت لا يجدي حين يكون الصراخ هو الحل، وأن الزحف يقتل، في وقت يحتم علينا الهرولة والجري وتخطي حواجز المنافسة وعوائق السوق، في ظل ماراثون تنافسي لايرحم. فرق شاسع بين رئيس تنفيذي صارم يعرف كيف يجتث كافة العوائق، فيكون بمثابة حائط السد الذي يحمي بيئة العمل من أي عوامل خارجية قد تتسلل فتنخر جسد المنظمة. يمنع الجميع من التدخل في تسيير العمل متحملا النتيجة بجسارة وتحد صريح، بما في ذلك مجلس الإدارة الذي يجب أن ينحى تماما من التدخل في سير الأعمال، ليقتصر دوره في المتابعة والتوجيه من على بعد، ومتابعة النتائج.. وما بين آخر لا يكترث بفضول كل من هب ودب وتدخلاتهم المستمرة. إستراتيجية الشركة، تقييم الأداء، معرفة طاقم العمل، التواصل المستمر مع رؤساء الإدارات المختلفة، التعريف الوظيفي وتحديد المهام الرئيسية بدقة، جميعها أدوار مفقودة اليوم للرؤساء التنفيذيين في البيئة المحلية، في زمن أصبح وضع السوق لا يسمح بتلك المهاترات أن تستمر. الأزمة أزمة إدارة وفقه قيادة.. والحل يكمن في وجود خطة إستراتيجية صلبة، والعمل على تنفيذها من خلال فريق شاب كفؤ، مجتهد، يملك القدرة على تحويل الأفكار القابعة في أجندة الأعمال إلى حقيقة، في ظل تحديات لم نشهد لها مثيلا.. الحل.. يكمن في مزيد من الوعي والإيمان بدور الشباب في منظومة العمل!! فإن لم يكن الرئيس التنفيذي على قدر من القوة والحنكة والمعرفة فقل على الشركة السلام.. ويا أهلا بالبطاطا المشوية والمسلوقة في سوق عالمي متخبط، لايعرف الرحمة!!.