كثيرا ما قرأت عن المشاكل والخلافات التي تحدث بين البنات وبين أهاليهن، وسؤالي لماذا هذه الفجوة الموجودة بين الفتيات وبين الأهل؟ هل نحن السبب لأن جيلنا يختلف عن جيل أهلنا؟ وكيف نقرب المسافة الموجودة؟ وإذا لم نستطع هل يمكن أن نعيش في جو نشعر فيه بالغربة في وسط أقرب الناس لنا؟ لأني وبصراحة حاسة بالغربة وسط أهلي وأقربائي، وفي الوقت نفسه عندي مشاكل وضغوطات ما يعلم بها إلا الله، ولا أدري مع من أتكلم؛ لأنه ليس لدي صديقات، وأشعر أني دائما وحيدة، وشكرا. الباحثة عن الحقيقة في المرحلة التي تمرين بها تشعر الكثير من البنات بمثل مشاعرك، فنحن حين ننتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب، تبدأ شخصياتنا بالميل نحو الاستقلالية، سواء في الفكر الذي نحمله أو في ميولنا أو اتجاهاتنا، وحين يكون الأهل وهذا حال معظم الأسر بعيدين عنا، أو لم يحسبوا حساب هذا التغير يبدأون بمهاجمتنا، ونقدنا، ولكي نتجنب هذا النقد نبتعد عنهم، فيتأكد لهم أننا لا نحترمهم ولا نقدرهم فيزداد نقدهم لنا ويزداد بالمقابل تجنبنا لهم وهكذا...، والنتيجة النهائية لكل ذلك شعور الاغتراب الذي تعانين منه، فلا أنت صرت قادرة على فهم ما يدور في رؤوس أهلك، ولا هم قادرون على ذلك، وكل منكم يجلس في مقعده بعيدا عن الآخر، والمؤسف أن الأبناء والبنات يغلب عليهم ألا يبذلوا من الجهد ما يكفي لفهم ما يدور في رؤوس أهلهم، ولا الأهل يفعلون ذلك، وأقترح عليك أن تكوني أنت البادئة بالخطوة السليمة، فأنت شابة تملكين من المرونة أكثر مما يملكه أهلك، وأنت بحاجة أكثر منهم للمساعدة والدعم، لأنك صرت وحيدة وهم مجموعة، أنت منعزلة وهم مجتمعون، أنت في ضيق وهم يعيشون حياتهم، وإذا نظرت لهم على أنهم غير مهتمين بك، فستظلمينهم؛ لأن ما ترينه يعبر عن عجزهم عن الولوج إلى عالمك ولا يعبر عن عدم الاهتمام بعالمك أو بك، وهم بالمقابل يفترضون أن الأصغر هو من ينبغي أن ينصاع لقواعد الأكبر وليس العكس، وبالتالي فانعزالك عنهم يعتبر بنظرهم قلة احترام لهم، وقلة تقدير أيضا، ويدخلون في دائرة إصدار الأحكام القاسية عليك، وربما أدخلتك هذه العزلة في الابتعاد عن أنشطتهم وبخاصة المنزلية، فتضعين نفسك عندها في دائرة اللامبالية بهم وبأعباء المنزل أو حتى بمشاعرهم، نصيحتي لك ادخلي دائرة أهلك وتحملي في البداية نقدهم وكوني فاعلة وإيجابية واعرضي على الجميع خدماتك واحرصي أن تكوني مبادئة، وفعالة، ولا تنظري لما يمكن أن يأتيك منهم من رد، واستمري في العطاء مدة لا تقل عن ثمانية أسابيع، واجعلي خلالها تصرفاتك مبنية على فكرة القيام بالواجب نحو كل فرد منهم، دون النظر للعائد أو النتائج، وأنا أضمن لك بإذن الله تغيرا حقيقيا منهم، هذا التصور للحل لا يعني أن الأهل لا يتحملون نصيبا كبيرا من الخطأ في هذا المجال، وإنما يعني أننا لسنا هنا بصدد محاكمة الأهل أو الأبناء وإنما نحن بصدد إيجاد حل لهذه المشكلة، والوقاية منها في الأجيال القادمة يعتمد عليك حين تصبحين أما، عندها عليك أن تزيدي من درجة وعيك بالتغيرات التي تصيب أبناءك، وأن تكوني لهم صديقة وليست أما فقط.