في ظل الجهود السعودية والعمانية التي تُبذل لرأب الصدع وجمع الأطراف اليمنية على طاولة واحدة، يترقب اليمنيون نتائج مفاوضات العاصمة العمانيةمسقط (الأحد)، بين وفدي الشرعية والحوثي، برعاية الأممالمتحدة. وتأتي هذه المفاوضات على وقع تحركات لبناء الثقة بدأت بفتح طريقين؛ أحدهما بين مأرب والبيضاء، والآخر رئيسي في محافظة تعز ولمدة 12 ساعة يومياً، سمحت للمدنيين بالتنقل بسلاسة ويسر رغم حملات الاختطاف التي ينفذها الحوثيون، وطالت نحو 75 موظفاً في وكالات أممية ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى مدنيين في محافظة حجة. واحتجز الحوثيون في مطار صنعاء 4 طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية وأعاقوا عودة الحجاج إلى صنعاء؛ بحسب ما أعلنته الخطوط اليمنية ووزارة الأوقاف والإرشاد. فيما أصدرت الحكومة اليمنية عدداً من القرارات الاقتصادية؛ ومنها إيقاف التعامل مع عدد من البنوك التجارية التي رفضت نقل مقراتها إلى العاصمة المؤقتة (عدن)، وسحب العملة القديمة من السوق، ووقف جميع التحويلات بالعملة القديمة، إضافة إلى منع شراء المنتجات الزراعية من مناطق الحوثي إلا بالعملة الجديدة، ومعاقبة كل من يتعامل بالعملة القديمة. وشكلت تلك القرارات، فضلاً عن انهيار الوضع الاقتصادي والصحي المتمثل في انتشار الكوليرا وغيرها من الأمراض في مناطق الحوثي، ضغوطات كبيرة على كل الأطراف اليمنية للعودة إلى طاولة المفاوضات والعمل للوصول إلى حل سياسي يُنهي إراقة الدماء في ظل ما تبذله السعودية وسلطنة عمان من جهود ووساطات كبيرة لتقريب وجهات النظر. وفي هذا السياق، قال وكيل وزارة حقوق الإنسان والمتحدث باسم لجنة مفاوضات الأسرى الحكومية ماجد فضائل ل«عكاظ»: إنه بتوجيه من مجلس القيادة الرئاسي ستبدأ مفاوضات الأسرى في العاصمة العمانيةمسقط (الأحد)، لافتاً إلى أنه ستتم مناقشة التفاصيل الخاصة بملف الأسرى؛ وعلى رأسها ملف المشمول بقرار مجلس الأمن الدولي السياسي محمد قحطان؛ الذي يرفض الحوثي الإفصاح عن مكان اعتقاله ومصيره حتى الآن. وأضاف: نتطلع إلى أن يقدم الحوثيون مرونة، خصوصاً أن اللقاء يعقد في ظل توترات كبيرة وضغوطات مختلفة للوصول إلى حل نهائي. ولفت فضائل إلى أن تصعيد الحوثي واختطافه نحو 75 موظفاً أممياً، ومن العاملين في المنظمات الإنسانية ونحو 15 مدنياً في مديرية حيران بمحافظة حجة، يشكل تحدياً كبيراً، لكننا نثق في الجهود السعودية والعمانية لتقريب وجهات النظر، ونعلق عليها آمالاً عريضة في الضغط على الحوثيين، للإفصاح عن مصير الأسرى والمختطفين والمخفيين قسراً بمن فيهم محمد قحطان. وشدد وكيل وزارة حقوق الإنسان على أن إغلاق ملف الأسرى والمختطفين والمخفيين قسراً يمثل أولوية بالنسبة للحكومة الشرعية، مضيفا: نحن ذاهبون إلى عمان وحريصون على مفاوضات الكل مقابل الكل، والوصول إلى تعهدات بوقف جميع الاختطافات والاعتقالات مستقبلاً، بهدف نجاح جهود السلام التي يقودها الوسطاء في المنطقة وبرعاية أممية. وأفاد فضائل بأن فتح أول طرق تعز الرئيسية، وكذلك مأرب البيضاء يشكل بادرة طيبة، ونأمل أن تستمر بوادر بناء الثقة بفتح المزيد من الطرق وتستكمل بنجاح مفاوضات مسقط التي نذهب إليها، وكلنا أمل في إنهاء معاناة آلاف الأسر. ومن المنتظر أن يتصدر مفاوضات مسقط، ملفات الأسرى، وتحييد الاقتصاد اليمني، وتوحيد العملية المالية، فيما يتوقع مراقبون يمنيون أن تخرج لقاءات مسقط بقرارات عاجلة في الملف الاقتصادي والإنساني ما يعيد تصدير النفط والغاز ويوحّد إيرادات الموانئ والإعداد لصفقات أسرى ومختطفين، والتهيئة لعملية سياسية شاملة. من جهته، أكد المحلل السياسي اليمني أكرم الفهد، أن الوسطاء السعوديين والعمانيين هم الأقرب والأكثر قدرة على تحقيق النجاحات وجمع الأطراف اليمنية؛ نظراً لمعرفتهم بكل جوانب المشكلة اليمنية الشائكة، لافتاً إلى أنهم يملكون مفاتيح الحلول. وقال إن الشعب اليمني يؤمل كثيراً على مفاوضات مسقط في الخروج بقرارات تؤدي إلى تحقيق السلام وإنهاء الصراع والحرب وحماية مصالح الشعب اليمني. وأضاف أن القرارات التي أصدرها الجانبان في ما يخص الاقتصاد كان لها دور في تهيئة الظروف للعودة إلى طاولة المفاوضات بعد أشهر من التوقف، مجدداً التأكيد على أن السلام هو الحل في اليمن، ولن يكون هناك أي طريق آخر لنهاية المأزق الراهن سوى التفاوض السلمي.