وليعرفْ من يجبُ أن يعرفْ أنه لولا «آيات الله وجهاد أبنائهم وحلفائهم ضد الظلامية والظلم والطغيان على جبهات الدم الممتدة وِسعَ هذا الشرق، لما بقي لنا مكان على هذه الأرض ولكان جل الرجالِ شهداء وكثيرٌ من النساءِ سبايا لدى أعوان الشيطان». هذه ليست كلمات صادرة عن تصريح لأمين عام حزب الله حسن نصرالله، ولا عن نائبه الشيخ نعيم قاسم، كما أنها ليست صادرة عن رئيس الحشد الشعبي في العراق، ولا عن الحوثي في اليمن، بل هي كلمات جاءت في تصريح لوزير الثقافة اللبنانية محمد المرتضى. يقول عنه زملاؤه القضاة إنه وفقاً للمثل اللبناني يعرف من أين تؤكل الكتف. ويرون أنّ زوجته القاضية مايا زاهي كنعان كانت هي المرشحة للمنصب الوزاري. إلا أنه بين ليلة وضحاها وعند إعلان الحكومة جاء محمد المرتضى وزيراً لحقيبة الثقافة. أما أوساط حزب الله تتحدث أنّ تقاطع المصالح ومستلزمات التحالفات مع الرئيس نبيه بري قضت باختيار المرتضى كأقل الشرور بين باقي الأسماء. أما باقي اللبنانيين يتحدثون عنه مستعملين عنوان مقالة في أحد المواقع اللبنانية تصف محمد المرتضى بوزير ثقافة جمهورية حزب الله على خطى قرداحي. الوزير الذي لا ينقصه شيء من الذكاء، يدرك تماماً أنه جاء إلى جنة الحكومة لأسباب وأسباب، وأنّ استمراره فيها يحتاج أيضاً إلى كثير من الأسباب والأسباب، فحرص منذ اللحظة الأولى في الحكومة على أن يقدّم للحزب ما يطلبه منه وما لا يُطلب منه فاصطدم مع الجميع دون استثناء داخل الحكومة وخارجها في الإعلام وبعيداً عنه، واضعاً هدفاً لا يحيد عنه هو إرضاء حزب الله. القاضي الذي مارس القضاء في الغرفة الابتدائية في مدينة طرابلس الشمالية، حزم حقائبه أخيراً، مستغلاً اختيار طرابلس عاصمة للثقافة العربية، ليقيم في قصر أحد الأصدقاء على تلة مشرفة على طرابلس الفيحاء، وعندما سُئل عن سبب إقامته هناك روى قصة صداقة تربطه بصاحب القصر والمكان. فيما أحد الزائرين وهو يغادر قال إن للمرتضى في تلك الإقامة مآرب أخرى لا بد أن ترويها قابل الأيام. اليوم يطل المرتضى مشاكساً مقاتلاً كأنه من ما يسمى بسرايا المقاومة، والعدو ليست إسرائيل بل هبة القواس ابنة صيدا مسقط رأس رفيق الحريري، ذاك الصوت اللبناني المحمّل بالعراقة والأصالة وهوية الإنسان. صدام يفتعله المرتضى لا لشيء فقط لعله يرضي بذلك حزب الله، إن كان الحزب قد طلب ذلك أو لم يطلب فلا ضرر في الإصرار على الإرضاء.