في مسألة جورج قرداحي وزير الإعلام اللبناني الذي صرح تصريحاً لا أستطيع وصفه إلا بالتصريح الجاهل تجاه الحرب اليمنية، في تقديري هي مسألة جاءت متوقعة أو بالأحرى منتظرة، وهي تحصيل ما هو حاصل بالفعل، فلبنان الأمس ليس لبنان اليوم، ولبنان الحريري لم يعد حريراً، بل مكب لسياسات وحكومات كالدمى تحركها خيوط خارجية وتهيمن عليها مليشيا يتسنمها بالوكالة حسن نصر الله. لم تكن تصريحات وزير الإعلام اللبناني هي الأولى من نوعها في إشعال فتيل الأزمة بين دول الخليج ولبنان، ولكن التراكمات التي خلفتها الحكومات اللبنانية من ضعف المواقف تجاه تصريحات مسؤوليها كانت أحد الأسباب التي أدت إلى القطيعة بشكلها الأخير، بعد طلب المملكة والكويت والبحرين والإمارات مغادرة سفراء وممثلي لبنان لديها، ولعلنا نستحضر جميعاً موقف المملكة الحازم قبل عدة أشهر تجاه تصدير المخدرات القادمة من لبنان، وقرار وقف دخول الصادرات اللبنانية إليها بعد أن فشلت الحكومة اللبنانية في منع تهريب المخدرات إلى المملكة، وضبط كميات مهولة داخل المنتجات الزراعية آنذاك، علاوة على تقاعس الحكومة اللبنانية تجاه المجرمين المطلوبين والمتورطين في جرائم استهداف السعوديين في مخالفة صريحة لاتفاق الرياض للتعاون القضائي، ليس هذا فحسب، بل إن حزب الله اللبناني يوفر الدعم والتدريب لمليشيا الحوثي في اليمن تحت مرأى ومسمع الحكومة اللبنانية دون أي تحرك لبناني لوقف هذا العبث، إذاً فالمسألة ليست مجرد تصريحات قرداحي أو شربل أو باسيل وغيرهم، بل الأمر أكثر خطورة على السلم الخليجي وأمنه ومستقبل شبابه! وبمناسبة الحديث عن جورج قرداحي، الإعلامي الذي أصبح وزيراً في دولة لم تتصدر في السنوات الأخيرة سوى في تهريب الكبتاجون، والذي فتح له الإعلام السعودي أبوابه وأشهره في برنامج من سيربح المليون العالمي بنسخته العربية، فهو حالة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ممن أكرمتهم مؤسساتنا الإعلامية وصنعت أسماءهم فتضخموا وتضخمت أوداجهم وحساباتهم البنكية وغادروا، وعند أول منعطف صوبوا سهامهم نحونا شتماً وجحوداً، وهذه حالة تكاد تكون عربية بامتياز، لن تنتهي بانتهاء زوبعة قرداحي بل إن (المتقردحين) -وما أكثرهم في إعلامنا- لا يفصلهم عن قدحنا سوى التحليق فوق أجوائنا مغادرين، فتعساً لهذه الأخلاق، وتباً لهذا اللؤم والجحود!