مارس الشيخ محمد ولد الددو الشنقيطي حقه في إبداء وجهة نظره الدينية من الحج بلا تصريح، قائلاً إن «مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» تعني الوصول إلى الحج بأي وسيلة وطريقة حتى لو كان ذلك بالاحتيال والمخالفة، وبذلك خالف إجماع علماء الأمة، الذين يميلون إلى تقدير ذلك تبعاً لظروف الحج وتعقيداته، ولكن المصيبة الأكبر أنه انضم إلى قافلة الدعاية الإعلامية المسمومة التي تستهدف المملكة، وهي دعاية وقتية ومتغيرة، ما يعني أن الشيخ وظّف الدين، لغايات إعلامية وسياسية آنية، وأنه أراد من وراء ذلك ابتغاء مصلحة شخصية وعاجلة. والسؤال الذي يحز في النفس كثيراً، أن الشنقيطي، الذي جاء من موريتانيا إلى الرياض عام 1988 بعد رجاء مدير جامعة الإمام في نواكشوط، بأن يسمح له بإكمال تعليمه، ووافق له على ذلك وتم قبوله في السنة الثالثة إلى أن أنهى دراسة الماجستير، هذا الداعية لم يصن حق العشرة والضيافة والعلاقة، وليس ذلك يعني أن يفتي وفقاً لمنطوقنا، ولكن على الأقل أن لا يجاهر بالخصومة، ولا يفتئت على المملكة، ولا أن يتنكر لمشايخنا الأجلاء. وعندما بدأ دروسه في مسجد تابع لسكن جامعة الإمام، كان انفعالياً، في طبعه حدة، واشتكاه البعض للشيخ العلامة ابن باز، والذي طلب النظر في أقواله بحضوره وليس في غيابه، وبحضور نخبة من العلماء، أنصفه الشيخ داعياً إياه لعدم التنطع والاستعجال في الفتيا، والتشدد في التكفير، وسمح له بمواصلة دروسه، دون أن يؤذيه، لا بل إن ابن باز اعتبر الشكوى آنذاك من باب الخصومة، كما يروي الدكتور علي الصلابي. يقيناً أن الشيخ ابن باز -يرحمه الله- كان يتأمل أن ينضج الفتى، وأن لا يستعجل على الفتيا، ولكنه كعادة الإخوان يرفعون راية الدين سلاحاً وسطوةً وتأثيراً، وفي داخلهم أهواء تحركهم، ومصالح تنهش قلوبهم، فولى شطره نحو حزب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وضاعف من وتيرة التكفير حده الأقصى، وهذا ما يؤكده الدكتور أحمد عصيد، بأن ولد الددو «فائق السرعة» في تشرّب الأفكار المتطرفة؛ إذ فاق شيخه يوسف القرضاوي في التحريض على الفتنة، والتنكر لجميل السعودية. هذه الجماعات المشكوك في صناعتها وأهدافها، ظلت تقوم بأدوار وظيفية في المنطقة، وفي هذا المقام يشير ولد لوليد، والذي افترق عن الإخوان وولد الددو، قائلاً: إن من أهم الأسباب التي جعلتني أشك في إخلاص الجماعة وأدت إلى ابتعادي عنها بعد ذلك بسبب الاحتيال الفظيع والاختلاس البشع من طرفهم للأموال الطائلة التي يتم التبرع بها من المحسنين. ويضيف: إن السبب وراء التغيير في علاقته مع الددو هو أن ظروف الددو تغيّرت وتبدّلت أحواله بعد التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين، فتغيّر فجأة في أسلوبه، ومضمون محاضراته، وخطبه، وأكثر من ذلك، في سلوكه ونمط عيشه. ويضيف ولد لوليد عن خلافه مع الإخوان: وهناك بدأت الشكوك تراودني في إخلاصهم، حيث كنت شاهداً على فظاعات كان أخفها الكذب والسرقة والغيبة والاستهزاء بمقدسات الأمة وعلمائها، واختزال رسالة الإسلام وشريعته ومنهاجه في تفاهات ومؤامرات تتلخص في منهج جماعة الإخوان، لقد انسحبت لمّا تأكدت أن ما يريده الإخوان لم يتضح لهم بعد، انسحبت لمّا رأيت الإخوان يريدون تحكيم شرع الله بالكذب والخداع والغدر، انسحبت لمّا رأيتهم يدشنون المساجد وينهبون تمويلاتها. يتطوع الداعية الإخواني بلي أعناق الدين وثوابته وأصوله ومناهجه ويخالف إجماع علماء الأمة، ويخرج على فضاء السوشيال ميديا للإساءة للمملكة، ولمشايخها وعقلائها، على اعتبار أنه يرى ما لا يراه الآخرون، وأنه بهذا المنطوق الأجوف، يمكنه الإساءة للمملكة والنيل من عزيمتها وإرادتها، ولكننا نقول له بالفم الملآن، لقد سبقوك كثر وخسروا وبعضهم ومنهم شيخك الأكبر القرضاوي، الذي تراجع عن كثير من مواقفه، وأكد صدقية وموضوعية علماء المملكة.